٠٤ مايو ٢٠٠٩

العدد الأول من سلسلة روايات 2 ( شيطان إيلات )



مقدمة سلسلة روايات 2

لا يمكن أن يتحكم النشر الورقى فى الإبداع ..
خاصة بعد الإنتشار الرهيب للأدب عبر شبكة الإنترنت ..
و لأن منتدى ( روايات 2 ) من أسرع و أقوى المنتديات نمواً ، بعدد أعضاء - النشطين منهم فحسب - يبلغ الـ 8 آلاف  عضو ، و لأنه على نفس الشبكة العنكبوتية ، فلم يكن من الممكن أن يترك مبدعيه فى حالة خمول دون إنشاء سلسلة تفاعلية مميزة لهم ..
سلسلة تضم أقلام واعدة بإذن الله ..
و بهذا الصدد أتوجه بالشكر لمشرف المنتدى ، الجميل ( إيهاب ) الشهير بـ ( نور الدين محمود ) ، الذى حول فكرتى لواقع ، و لمدير المنتدى الدكتور ( محمد ) الشهير بـ ( رجل المستحيل ) الذى وافق على إنشاء قسم السلسلة ..
الأعداد الشهرية ستكون قابلة للتحميل ، بعد نجاح تجربة الرواية التفاعلية الأولى الساحق ، و ستحوى ما شاء الله من صنوف و ألوان الكتابات بأقلام أعضاء المنتدى فقط ..
تحياتى و أمنياتى الطيبة ..

( عصام منصور ) ( المحترف )









باب : ماورائيات
( البعد الرابع ) تقديم ( NOTHUMAN )

هناك قصة غريبة تعود لأكثر من مائة عام بطلها مزارع معروف من مدينة جولتن في الولايات المتحدة. ففي 23سبتمبر 1880كان ديفيد لانج يعمل أمام منزله فيما كانت زوجته إيمي بقربه تحيك قميصا من الصوف. وأمامهما كان يلعب طفلاهما جاري ( 8سنوات) وسارة ( 11عاما) مع خادمتهما السمراء ( صوفي ) .. وفي هذه الأثناء حضر لزيارتهما صديقهما قاضي البلدة السيد أوغست بويك ومعه رجل يود شراء المزرعة. وحين اقترب القاضي توقف الجميع واتجهوا بأنظارهم إليه - بمن فيهم الطفلان اللذان تعودا على هداياه المميزة..
الظاهرة الغريبة حدثت أثناء سير المزارع ديفيد لانج باتجاة القاضي أوغست حيث اختفى فجأة - وبدون أي سبب - أمام أنظار زوجته وطفليه وخادمته وقاضي البلدة ومرافقه. وبسرعة ترجل القاضي عن حصانه فيما هرعت زوجته إيمي إلى مكان اختفائه - حيث ظن الجميع أنه سقط في حفرة ما.. غير أن الأرض في موقع الاختفاء كانت صلبة ولم تتضمن حفرا أو شقوقا من أي نوع. وفيما انهارت الزوجة وبدأ الطفلان في البكاء رسم القاضي دائرة حول منطقة الاختفاء وعاد لإبلاغ الشرطة وإحضار بعض الرجال.

ورغم أن ديفيد لانج اختفى في بقعة لا يزيد قطرها على المتر إلا أن غرابة الموقف جعلت الجيران يفتشون الغابات المجاورة - في حين عممت الشرطة صوره على مدن وبلدات الولاية - ولكن أحدا لم يعثر عليه في حين لم تشف زوجته من هول الصدمة أبدا.. أما ابنته سارة فقضت معظم وقتها بقرب الموقع تناديه - وادعت عدة مرات أنها سمعت صوته يطلب النجدة حتى اختفى تماما بعد عدة أيام..

هذه الحادثة الغريبة وردت في أكثر من كتاب ومصدر لعل آخرها "الاختفاءات الغامضة" للباحث "ردودي ديفيز" عام 1995(Rodney Davies: Supernatural Disappearances)... وقد استمدت قوتها من حدوثها أمام ستة شهود وتوثيقها في صحف الولاية وبقاء موقع الاختفاء مسيجا لعدة أشهر!!

أما محاولات التفسير فتراوحت بين "اختطاف الشيطان" و"انفتاح بوابة من جهنم" الى "انفتاح حفرة جيولوجية" و"سقوطه في بُعد فيزيائي مختلف"..

والسقوط في بُعد فيزيائي مختلف فكرة قديمة لتفسير حوادث الاختفاء الغامضة وانتقالها إلى بعد مكاني وزماني غير الذي نعيش فيه.. فحياتنا العادية تحكمها ثلاثة أبعاد رئيسية هي المكان والزمان وفيزياء الجسم ذاته (وهي أبعاد يدركها البشر من خلال حواسهم الخمس). غير أن محدودية هذه الحواس قد تمنعنا من الإحساس بأبعاد أخرى موازية قد تتواجد في "نفس الموقع" بدون أن نشعر بها..

ولفهم الفكرة بشكل أفضل دعنا نضرب مثلا بجهاز الراديو الصغير.. فحين تستمع لمحطة معينة يحدث ذلك لأنك وفقت بين موجة الإرسال (التي تبث بها المحطة) ومؤشر الذبذبة (الذي حركته أنت على الراديو). ولكن هذا لا يعني أن بقية المحطات - التي لا تستمع إليها - غير موجودة في الهواء (فكل ما حدث أنك اخترت موالفة جهازك لسماع محطة واحدة فقط)..

وحواسنا الخمس بدورها تمت موالفتها للعمل في نطاق واحد فقط يمنعنا من ادراك أي عوالم أخرى تتواجد حولنا بشكل دائم. فأبصارنا وأسماعنا مثلا لا تدرك سوى مستوى محدود مما يجري حولنا - وبالتالي نعجز عن رؤية الجان أو سماع أصواتهم لعيشهم في أبعاد مختلفة (في حين قد تراهم أو تسمعهم مخلوقات اخرى غيرنا؛ كما جاء في الحديث عن نهيق الحمار وصياح الديك وعذاب القبر)!!

واليوم لا يستبعد علماء الفيزياء وجود بقع أرضية (بل وحتى فلكية) تعمل بمثابة بوابات تفتح على العوالم والأبعاد الأخرى.. وحين تفتح فجأة ينتقل إليها البشر والأشياء الضائعة - فيما قد يعبر إلينا الجان والمخلوقات الغريبة أو حتى الأطباق الطائرة (ولعلكم تذكرون مقالي عن الأطفال الخضر الذين عثر عليهم في انجلترا وادعوا أنهم تاهوا قبل أن يجدوا أنفسهم في عالمنا الغريب)!!

...
أنا شخصيا على ثقة بأن القصة السابقة ليست وحيدة أو فريدة من نوعها (.. فما أكثر الأشياء التي تختفي فجاء إلى الأبد ) ولكنها فقط من الحالات النادرة التي وقعت أمام شهود ووثقت عبر الصحف!!

باب : القصة القصيرة
( جنون الإنتقام ) لـ ( أدهم عبده )

 ((( لا لا يمكن السكوت على ذلك أبداً )))
نطق ذلك الجالس أمام جهاز الكمبيوتر بهذا الهتاف وهو يقرأ خبر إصدار سلسله منتدى روايات 2 وقد تملكه الغيظ الشديد نظراً لأنه مدير إحدى المنتديات المنافسه للمنتدى .
وفى غضب شديد ضرب بقبضه يده لوحه المفاتيح فتطايرت متبعثره داخل الغرفه وفى محاوله منه لتهده نفسه وضع رأسه على مكتبه وأخذ يفكر فى طريقه لمنع تقدم منتدى روايات2 وبعقليه مريضه أخذ يفكر فى أكثر من طريقه وأخيراً .....
(( وجدتها ))
وفى الحال قام مسرعاً لشراء لوحه مفاتيح جديده وقد أختمرت فى عقله فكره شيطانيه 0
**********
جلس أمام جهازه وقام بفتح برنامج المحادثه ولحسن حظه وجد من كان يريده على الخط فقام على الفور بمكالمته .
-كيف حالك يا ديفيد .
-بخير شكراً.
-اننى أريدك فى موضوع مهم جداً.
-خير.
-ليس خير أبداً.
-ماذا تريد.
-أريد أختراق موقع روايات2 وتدميره نهاياً.
-لماذا.
-وهل هذا يحتاج للماذا انه الموقع الوحيد الذى يجعل -منتداى ليس له قيمه تذكر ويكفى قيامه بتلك المبادره أن يجعل أعضائه يكتبون روايه تفاعليه تصدر كل شهر وبعد كل ذلك تقول لى لماذا.
-لقد فهمت لكن عليك أن تعلم أننى بصفتى أشهر مخترق مواقع على الإطلاق كما قلت لك وأننى أملك أكبر مجموعه منظمه من القراصنه كلهم من إسرائيـ ....
-لست أريد منك أن تقص على قصه حياتك هل ستفعل -ما أطلبه منك أم لا.
-سأفعل.
-متى نبداء.
-من الآن لو تريد لكن هناك بعض المساعدات المطلوبه
منك.
وما هى.
وطوال الليل تناقشا معاً حول كيفيه تدمير مندى روايات 2 حتى أرهقه السهر فذهب إلى فراشه وأستغرق فى النوم وحلم أنه أستيقظ وقام يالدخول على موقع روايات 2 فوجد مكتوباً (( لقد تم إغلاق الموقع نهائياً ))
فقفز من مقعده من شده الفرح ومن شده القفزه جعلته يستيقظ وقبل أن يفعل شئ قام بالجلوس أمام جهاز الكمبيوتر وقام بالدخول على موقع روايات 2 فوجده فى أبهى صوره وكما هو .
وبغضب قام بالدخول على برنامج المحادثه لكى يرى لماذا لم يقم ( ديفيد ) بتنفيذ ما قد اتفقا عليه فوجده غير موجود .
وفى غمره انشغاله كان قد نسى انه لم يقم طوال اليوم بالدخول على موقعه فقام بكتابه أسم موقعه فى شريط العنوان و......
((( لقد تم إغلاق الموقع نهائياًُ )))
فغر فاه بدهشه وكادت تقفز عيناه من محجريهما ويهو يسترجع سريعاً ما ناقشه مع ( ديفيد )
-أريد منك عضويتك فى منتداك.
-لماذا
-عن طريق منتداك أدمر منتدى روايات2.
-كيف.
-نظراً لكثره الأعضاء فى منتداك فهذا يعطى قوه أرسال كافيه لعمل برنامجى الخاص بتدمير المواقع والذى سوف أقوم بأطلاقه من موقعك وأوجهه مباشرهً لمنتدى روايات2.
-وكيف أثق في كلامك.
أقسملك على ذلك بشرفى.
وكان ماحدث وبغضب وجنون ما بعده جنون قام بحمل المقعد الجالس عليه وهوى به على جهاز الكمبيوتر وبكل قوته فانفجر وقزفه لريتطم بالجدار المقابل وتدمر الجهاز نهائياً وتدمرت معه كل آماله وأحلامه و...
وشروره

****



باب : شعر و نثر
( انثى من رحم الأمل ) لـ ( سفيرة المشاعر )

سَـأُحاوِل
وأُحـاوِل
وأُحـاوِل

فسَيأتي يَوم لامحَالْ .. يتَحوّلُ الوهْمُ الى وَاقِع
وسَـأنظرُ حينَها الى المَاضِي
وسَأضْحكُـ فيه عَلى ألمِي .. وتـَارةً لأجلِ فرَحِي

فالقَلبُ وإنْ زادَتْ جِراحِه .. آهَاتِه
وطَعناتِه
سيُكتبُ لَه يَوم .. يمحُو كلّ الآمِـه
سَـأكُون هُناكْـ أبْحثُ بينَ الصّفحاتْ
عَن حُزنِي .. فَرحِي .. ابْتسَامتِي
عن قلبٍ تـَاه فِي متَاهَاتْ الأقْدَار
يـَــاقلبْ ..
ألا تكْفِيكـَ جِراحُكـَ
ومَرارةً سَكَنَتْ فِي أعْماقِكـَ
ودمْعَة تَمرّدَتْ وأغْرقتكـَ
وقفتُ علَى حـَافةِ الْهاويِه
اكَادُ أقـَع في ظلام ٍ داامِسْ
ضيَاع وحيرةٌ ملئتْ الفُؤاد
وُروحٌ مشَتتةً بِداخلِ انْسَانْ
وشتاتٌ مبعْثرةٌ هُنَاا وهُنَاكـْ
ضعف .. حُزنْ .. انكِسَار .. وأيام تُطوَى مَع السِنينْ
والجَسدُ خَاوٍ بلا حَياة
يــَاقلبْ ..
يامَنْ كنْتَ البَلسَم لِجراحِيْ
دُموعِي واهَااتِيْ
الحضْنَ الدّافي لاحْزَانِيْ
يــَاقلبْ ..
لم تعُد البسمةَ تجِدُ طَريقَها اليكـْ
اسْتسَغتَ مَرارةَ الألمْ
واسْتعذبتَ ملوحةَ الدُمُوعْ

يكْبرُ الحُزن بـِداخلِيْ
لحْظةٌ تحوّلتْ الَى أيَامْ .. والأيَامْ إلَى أعْواامْ
لم يبقَى لِي سِوى بُؤسِي .. وحُزِنِيْ
ودفْترَ مُذكَراتِي
أُدَارِي دَمعَة لاأعْلَمُ مَكْنُونَهَا
فلمْ أعدْ أبالِي بأسْبابِها .. بايجَاد الأعْذارِ لهَا
حرقةٌ بالأعْماقْ .. وسعَادةٌ تُعاكِسُ مابداخِل الفُؤادْ

مازالَ هناكـَ امـل وإنْ أبتْ نفسِي الاعْترافْ
فَهِي لاتُجيدُ سِوَى التّحطِيمْ
وايصَال النّفسُ الى الحَضِيضْ
راسِمة لدرْبِي الأشْواكْـ
سَـأُحاوِل
وأُحـاوِل
وأُحـاوِل

فسَيأتي يَوم لامحَالْ .. يتَحوّلُ الوهْمُ الى وَاقِع
وسَـأنظرُ حينَها الى المَاضِي
وسَأضْحكُـ فيهـ عَلى المِي .. وتـَارةً لأجلِ فرَحِي

فالقَلبُ وإنْ زادَتْ جِراحِه .. آهَاتِه
وطَعناتِه
سيُكتبُ لَه يَوم .. يمحُو كلّ الآمِه
سَـأكُون هُناكْـ أبْحثُ بينَ الصّفحاتْ
عَن حُزنِي .. فَرحِي .. ابْتسَامتِي
عن قلبٍ تـَاهـ فِي متَاهَاتْ الأقْدَار
سَـأُحاوِل
وأُحـاوِل
وأُحـاوِل

فسَيأتي يَوم لامحَالْ .. يتَحوّلُ الوهْمُ الى وَاقِع
وسَـأنظرُ حينَها الى المَاضِي
وسَأضْحكُـ فيه عَلى ألمِي .. وتـَارةً لأجلِ فرَحِي

فالقَلبُ وإنْ زادَتْ جِراحِه .. آهَاتِه
وطَعناتِه
سيُكتبُ لَه يَوم .. يمحُو كلّ الآمِه
سَـأكُون هُناكْـ أبْحثُ بينَ الصّفحاتْ
عَن حُزنِي .. فَرحِي .. ابْتسَامتِي
عن قلبٍ تـَاهـ فِي متَاهَاتْ الأقْدَار


باب : موضوع العدد ( الإحتراق الذاتى )
موضوع عرض ( غصن البان )

الاحتراق الذاتي التلقائي

كيف يحترق جسم الإنسان دون مصدر خارجى للنار

؟؟؟
حوادث كثيرة وغامضة هنا وهناك لم يجدوا لها تفسير مقنع

فكيف يحترق الجسم البشرى دون أن يحرق ما يرتديه الشخص المحروق
؟؟؟

وما هى أسباب هذا الإحتراق
؟؟؟

وهل هناك صور للذين أحترقوا
؟؟؟

وهل هناك شهود عيان
؟؟؟

طيب وهل هناك ناجين يروا لنا ما حدث لهم كيف يحترق جسم الإنسان دون مصدر خارجى للنار
؟؟؟

حوادث محيرة للغاية أشعلت عقول العلماء لمحاولة تفسيرها
أعرض الموضوع عليكم محاولاً إجابة الأسئلة السابقة
موضوع غامض مثير جداً بالصور والوقائع


ظاهرة غامضة حيث يتحول الشخص الى لهب دون اي سبب ظاهر نار حارقة جدا ومحدودة جدا

تدمر أغلب الجسم ولكنها تترك الأشياء على مقربة من الشخص غير محترقة نسبيا
بل العجيب والغريب أنها تحرق حتى العظام لتتركها رماد
ولمن لا يعلم فإن العظام تحتاج لدرجة حرارة غير عادية ولفترة طويلة حتى تتحول إلى رماد
!!!
* الإحتراق الذاتي *
( SHC )
هو الإحتراق المزعوم لأي جسم بدون أي مصدر خارجي
وعدم اتصاله لأي مصدرحراري آخر فهو يحدث ذاتياً ولا يكون قريب من أي مواد قابلة لإشتعال
فالنار مهما كان درجاتها ومستوى حرارة إشتعالها فهي قد تؤدي إلى حروق
أوالبثور البسيطة على الجلد فهي تلك النار كما يعرفها أغلب البشر
ولكن مع الإحتراق الذاتي فالأمر يختلف كثيراً حيث أنه يحرق الجسد كلياً وذاتياً
وغالبا ماتبقى الأطراف سليمة و لم تمسها نيران الإحتراق الذاتي
وأيضا لا ننسى بأن حتى العظام إيضا تذوب بسبب شدة الحرارة كما أشرت من قبل والتي قد تصل إلى
أكثر من 2500-3000 درجة مئوية
فهو أمر غير قابل للتصديق أو مستحيل حدوثه
فمن أين أتت هذه النيران وإن يكن فكيف تكون بهذا مستوى الهائل من الحرارة
غير أن يكون الجسم قريب من أي مصدر حراري آخرأ و شيء يساعدها على الإشتعال
حسنا دعونا بعد شرح ماهيته و محاولة تقريب الفكرة أن نبدأ بحوادث قد حدثت بالفعل من قبل
*
دكتور إيرفينج بينتلي
في ديسمبرمن العام 1966
اكتشـف قارئ عـدَّادات الغاز والكهرباء وفــاة الدكتور إيرفينج بينتلي
في بيته بولاية بنسلفانيا الأميركية وعندما جاءت سلطات التحقيق لتباشر عملها
لم تجد من جثة الدكتور بينتلي غير جـزء مـن إحدى سـاقيه
وفي قدمه خـف منزلي أما بقية الجثة فكانت قد احترقت وتحولت إلى رماد
كما وجد المحققون في أرضية الحمام حفرة صنعتها النارالتي التهمت جسد الدكتور بينتلي الذي كان يبلغ
من العمر 92 عاماً
ودون الدخول في التفاصيل لقــد احترق جسـم الدكتور بينتلي تلقائيــاً


كيف يمكن لنار صيد الرجل
دون ان تلوح في الافق اي مصدر شرارة أو لهب ثم يحترق ذلك الرجل تماما دون اشعال اي شيء حوله
؟؟؟
لم يكن ثمة مصدر واضح لشـرارة كهربائية مثلاً أو لهب أمسك بملابسه فاندلعت النار بجسمه
كما أن كل شيء من حوله كان سليماً لم تمسسه النار التي أكلت جسد الطبيب العجوز

وفي حالات احتراق تلقائي أخرى نعم فثمة حالات عديدة

ســلمت ملابس الضحية من الاحتراق
*


ماري ريسير
في العام 1951 في سان بيترسبرج بولاية فلوريدا الأميركية
بعد أن ودعتها جارتها لتنزل لمسكنها لتنام جلست السيدة العجوز مارى على كرسيها الهزاز
ولم تكن تشعر بالنعاس فأشعلت لفافة تبغ و ظلت تتأرجح على كرسيها الهزاز
وفى المساء لاحظت جارتها انبعاث حرارة عالية ورائحة دخان
فظنت أن جهاز التدفئة قد أصابه عطب ما
وفى الصباح أحضر ساعى البريد خطاب لمارى وأستلمته جارتها لتوصيله إليها
وعندما لمست باب شقة مارى لاحظت حرارة عالية من باب شقة الأرملة العجوز
فاقتحمت مع بعض الجيران باب المسكن
فوجدوا العجوز جالسة في مقعد وثير وقد أحاطت بها هالة سوداء
واحترق رأسها وصار في حجم كوب الشاي
ولم يتبق من جسمها غير جزء من عمودها الفقاري والقدم اليمنى وجزء من اليسرى
ولم تظهر علامات الاحتراق على شيء من الأثاث المحيط ببقايا جسد الأرملة المحترقة
وسجَّل الطبيب الشرعي الذي انتدب لمعاينة الجثة المحترقة في تقريره
" إن هذا هو أغرب شيء رأته عيناي "
وقد تهيَّـأ لي للحظات أنني أعاين مشهدا من مشاهد السحر الأسود في العصور الوسطى

أما تقرير الشرطة

فقال إن الأرملة احترقت نتيجة لسقوط لفافة كانت تدخنها قبل أن يهاجمها النعاس
وقد أشعلت اللفافة قماش المنامة المصنوع من الألياف الصناعية فالتهمت النيران جسد الأرملة العجوز
نعم أنا مع تقرير الشرطة
فلفاة التبغ أحرقتها هى فقط ولم تحرق حتى الكرسى التى تجلس عليه
!!!
مع أن الحوائط كانت مغطاه بدهان من البلاستيك ويوجد شمعتان بجوارها لم تمسسهما النيران
ولفافة التبغ الخطيرة هذه لن تستطيع توليد طاقة حارقة تؤتى على السيدة التى أصابتها نيران
بقوة 2500 درجة
وهذا ما جاء بتقرير الطبيب الشرعى
*

هيلين كونواي
سيدة فى العقد الرابع من عمرها كانت تجلس على مقعدها الوثير بغرفة نومها
وقد كان هناك العديد من أعقاب السجائر بالغرفة فى العديد من منفضات السجائر
وجدت وقد أحترق كامل جسدها غير القليل من العمود الفقرى والساقين
وكان تقرير الطبيب الشرعى أن السيدة قد أحترقت فى مدة زمنية تتراوح
من 6 إلى عشرون دقيقة
وقد أعرب فريق البحث عن دهشته العميقة فى إحتراق الجثة لتتحول إلى رماد فى هذه المدة الوجيزة
وجاء تقرير الشرطة كالعادة إحتراق بسبب لفافة تبغ
بدأت أمل من هذا التقرير
*
في العام 1982 كانت امرأة معاقة ذهنيا
تجلس مع أبيها في حجرة بمنزلهما في بلدة بشمال لندن وفجأة
وحسب رواية الأب سقط فوقهما ضوء قوي فأغمض عينيه
ولما فتحهما وجد الجزء الأعلى من جسم ابنته محاطاً باللهب
فأسرع الرجل يساعده أخ غير شقيق للابنة المحترقة يطفئان الجسم المشتعل
غير أن الابنة المسكينة ماتت مشتعلة

وقال الأخ غير الشقيق للشرطة
إن النيران كانت تنطلق من فم اخته تصاحبها أصوات زاعقة
وأن المشهد كان أقرب إلى وحش خرافي ينفث النيران
ولاحظ المحققون انعدام الدخان وأن النار لم تمس أياً من محتويات الحجرة
ولم يكن ثمة تفسير لهذه الواقعة
غير أن شرارة انطلقت من غليون الأب فأحرقت ملابس الابنة
*

سيدة مدمنة
شبت النار في سيدة مدمنة للكحوليات أمام ابنتها التي تملكها الرعب والفزع
فصرخت من هول المفاجأة لكنها لم تستطع إنقاذ والدتها لأن احتراقها قد تم بشكل مفاجئ وسريع
لم يستغرق سوى بضع ثوان تحولت الأم بعدها إلى كومة من الرماد
( ليس هذا فقط بل هناك العديد من الحالات الأخرى )
*
فى عام 1938 احترق سائق الشاحتة البريطاني
جورج تيرنر
وهو جالس على مقعد شاحنته فتحول الى كومة رماد وبقيت تنكة البنزين الممتلئة بجانبة دون أن تمس
*
في عام 1938 كانت امرأة تدعى
فيليس نيوكومب
( عمرها 22 سنة )
تغادر مرقصاً في شيلمزفورد بانجلترا
وبينما هي تنزل الدرج الخارجي لقاعة الرقص أمسكت نيران مجهولة بردائها
فهرعت عائدة إلى قاعة الرقص
حيث انهارت وأسرع بعض الحاضرين لنجدتها ونقلوها للمستشفى
ولم تلبث أن توفيت وحار المحققون في سبب اشتعال السيدة نيوكومب
وحاولوا أن يجدوا أثراً لمصدر النار التي التهمتها ففشلوا وصرَّح مفتش التحقيقات للصحافة قائلاً
" على طول خبرتي العملية لم يقابلني حادث بمثل هذه الدرجة من الغموض "

أما أقدم حالة معروفة
فهي تخص مواطنا فرنسيا عرف بإدمانه للكحول
وقد وقعت الحادثة في نهاية يوم تناول فيه الرجل كمية كبيرة من الكحول
وقد عاد إلى بيته وتهاوى على فراشه المصنوع من القش وسرعان ما غاب عن الوعي وراح يغط في نوم عميق
لكن فجأة
شب النار في جسده وتحول إلى كرة من النار ولم يبق من جسده إلا بعض أصابعه وبعض من جمجمته
!!!
*
في تشرين الاول - اكتوبر عام 1980 كانت جاين وينشيستير تقود سيارتها برفقة
ليسيلي سكوت
عندما اندلعت فيها النار ذات اللهب الاصفر فأخذت تستغيث وتصرخ
( اخرجوني من هنا )
حاولت صديقتها مساعدتها لكنها لم تستطع
نجت جاين من التجربة المرة ولكن 20 % من جسدها مغطى بالحروق
وسنجد فيديو لها بأخر الموضوع
*
تروى قصة اخرى هي قصة
الكونتيسة كورنيليا دي باندي
التي وجدتها خادمتها في غرفتها
كانت القدمان والفخذان سليمين بينهما رأسها نصف المحروق
بينما تحولت اجزاء جسمها الاخرى الى رماد
كان السرير صحيحا والاغطية مرفوعة وكأنها تحاول النهوض عن السرير
فأكلتها النيران سريعا وهوى رأسها بين فخذيها
لم تكن الكونتيسة تحب شرب الكحول أو حتى تدخين لفافت التبغ إن وجد فى هذا الوقت من الأساس
*
في 27 آب - اغسطس 193 احترقت فتاة اخرى في سوهو
بينما كانت ترقص في ملهى ليلي مع صديق لها اكد فيما بعد انه لم يكن من السنة لهب في الغرفة
فقد اتاها اللهب دون غيرها
*
عام 1938 احترقت السيدة ماري كربنتر
وهي تجلس في قارب مع زوجها وأولادها فتحولت الى رماد أمام أعينهم
بينما ظلوا هم سالمين وقد حاولوا إطفائها بماء النهر لكن هيهات فقد كانت النيران تخرج من داخلها حسبما ذكروا
وهناك أيضاً العديد من الصور
صورة لسيدة أحترقت عام 1977 بلندن

دون أن يكون هناك سبب واضح للحريق وبدون وجود لفافت التبغ المزعجة هذه المرة

كرسى أحترقت عليه سيدة دون المساس بالكرسى من الأساس

كل ما بقى من تلك السيدة أرجلها

رجل أتى فراشه ثم ذهب بالنوم وفجأة أحترق دون أن يصاب السرير بأذى

صورة لباحث يحاول كشف اللغز وسنجد له ملف فيديو أيضاً
إن المجتمع العلمي يتشكك في صحة الظاهرة وإن كان قد ثبت أن بعض الأشياء اشتعل دون مؤثر خارجي
ومنها كومة خرق بالية ملوثة بالزيت موضوعة في دلـو
احترقت لمَّـا مــرَّ فوقها تيار قوي من الهواء المشبع بالأكسجين
احتـكَّ بالخـرق بشـــدَّة فرفع درجة حرارتها الداخليةإلى حـدّ كان كافيـاً لأن يشتعل الزيت في الخرق
كذلك فإن حالات الاحتراق التلقائي لكومات من القش متكررة ومعروفة
فالبكتيريا الموجودة بالقش المتجمع لزمن طويل تقوم بعمليات تحليل للقش والمواد العضوية العالقة به
وينتج من هذه العمليات كميات من الحرارة تكفي لبدء الاشتعال
وفي اب - اغسطس 1999
بث تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية فى وقت الذروة فيلم في سلسلة الأفلام العلمية بعنوان
الإحتراق الداخلى للإنسان
وكانت فكرة الفيلم تدور عن إجراء التجارب الفعلية امام الكاميرا وأختارو أن تكون الضحية التى ستحترق
عبارة عن خنزير وأقترحوا مبدأياً انه في بعض الحالات النادرة يحترق الإنسان مثل شمعة
محاولة التفسير
التفسير قدمه صناع الفيلم
ان الثياب في جسم الانسان هي بمثابة خارج شمعة يها الدهون والداخل هو مصدر للوقود
ويبدأ الإحتراق نتيجة زيادة الدهون وتناول الكحوليات
التى تعتبر كفتيلة الشمعة وبدأوا فى لف الخنزير ببطانية لتماثل ملابس الإنسان
وسكبوا فى جوفه الكثير من مادة الكحول
وأنتظروا بعض الوقت ثم أشعلوا النيران فى الخنزير وبالفعل بدأ الإحتراق الداخلى
لكن
الإحتراق أخذ مدة أكثر مما توقعوا حتى يتحول جسد الخنزير إلى رماد
فقد أخذ من 5 ساعات حتى يتحول لرماد
أى أكثر من المدة التى أستغرقتها الحالات التى أحترقت ذاتياً

وبالتالى فشلت التجربة


(  تجربة احراق الخنزير )
إن اشتعال المواد الملتهبة من غير سبب ظاهر
يحدث عادة عندما يتحد الأكسجين الذي في الهواء بجسيمات سطوح هذه المواد السريعة التأكسد
وهو غير الوارد بتلك الحالات التى أشرنا إليها حيث لا وجود لتلك الكمية من الأكسجين داخل الجسم
وهو ليس كلامى بل كلام العلماء وشاهدوا ملفات الفيديو للتأكد
وينشأ عن ذلك في بادئ الأمر احتراق بطيء وإطلاق دخان ضئيل من غير لهب
وبعد فترة من الوقت تتولد حرارة كافية لنشوب النار
وليس من اليسير اكتشاف عملية الاحتراق التلقائي لانعدام وجود الضوء أو الحرارة في المراحل الأولى
ومن أشد المواد تعرضا للاحتراق التلقائي
زيت بزر الكتان و زيت فول الصويا و النفط و الفحم الحجري و الفحم العضوي و القش
وإنما تندلع النار فيها جميعا عندما تبلغ المادة نقطة الاشتعال
ولا توجد كل هذه الزيوت أو إياها فى جسم الإنسان
وفي عام 1973 أصدر كاتب فرنسي يدعى
جوناس دوبون
مؤلفـاً عنوانه
" حوادث الاحتراق الذاتي للأجسام البشرية "
جمع فيه حوادث الاحتراق التلقائي التي عاصرها
والتي تشابهت في ملابساتها ونتائجها منذ ذلك الوقت حتى الآن
ففي المئات من هذه الحوادث التهمت النيران الجسم البشري بكامله
وكان كل الضحايا بين جدران منازلهم وقد سجل معظم المحققين في كل تلك الحوادث ملاحظتهم
وجود رائحة دخان غير كريهة بل مقبولة في موقع احتراق الجسم
وكانوا يلاحظون أيضا
أنه بالرغم من تفحم الجذع والدماغ لدرجة عدم إمكانية التعرف على شخصية المحترق
فإن الأيدي والأقدام وأجزاء من الساق تنجو من الاحتراق
والأغرب من هذا كله أنه في حالات نادرة من الاحتراق التلقائي للأجسام البشرية
لا يحترق إلا خارج الجسم وتبقى الأعضاء الداخلية غير محترقة
كما أنه لا يشترط أن يصحب الاحتراق التلقائي اندلاع لهب أو ألسـنة نيران
فثمة روايات عن حالات احتراق دون اشـــتعال ودون دخـــان
كما أن نسبة ضئيلة ممن احترقوا تلقائيا لم يلقوا حتفهم ونجوا ليرووا تجارب تعرضهم للاحتراق التلقائي
وذهب البعض إلى ان كل خليه من خلايا الانسان بطارية وأن الانش المكعب قادر على
توليد 400 الف فولت
لكن هذه التفسيرات لا تكفي لتعليل الاحتراق التلقائي
وقال آخرون ان
( الاحتراق التلقائي نزوة عقلية حين يؤثر العقل على الجسد ويدفعه الى بناء طاقات كهربائية هائلة)
لكن نظرية جازمة حول هذه الموضوع ما تزال بعيدة المنال أما الآن فثمة أكثر من نظرية تفسر الظاهرة
منها تلك التي تفترض أن غاز الميثان الذي يتكون في الأمعاء
هو المسؤول عن الاحتراق والمعروف أن الميثان
( ويسمى أيضا غاز المستنقعات )
ينتج من تحلل النباتات القابل للاشتعال من أين إذن تأتي الحرارة المرتفعة التي تبدأ الإشعال
؟؟؟
من التفاعلات الإنزيمية في الأمعاء
فالإنزيمات هي بروتينات تقوم بدور المحفز فتعمل على تنشيط التفاعلات الكيميائية في الجسم
وهذا تفسير غير مقنع ولا يتفق مع وجود حالات احتراق تلقائي
احترق فيها خارج الجسم فقط دون الأحشاء ولو كان التفسير صحيحاً لبدأ الاحتراق بالداخل
وهناك من يفسر الظاهرة بأنها نتيجة لشرارة مصدرها شحنات من كهرباء ساكنة
تتولد من تعرض الجسم لمجالات قوى مغناطيسية أرضية
أما لاري أرنولد
الذي يزعم أنه خبير بظاهرة الاحتراق التلقائي للأجسام البشرية
فيعتقد أن الاحتراق يحدث بتأثير من جسيمات أدق من الذرة هي البيروتونات تتفاعل مع خلايا الجسم فتفجرها
غير أن علماء الكيمياء والفيزيقا يسفهون هذا التصور ويتهمون أرنولد بالتدجيل
فعلوم المواد لا تعرف شيئا اسمه البيروتونات وأبرز المنكرين لظاهرة الاحتراق التلقائي للأجسام البشرية
يعتمدون على بيانات تقول
بأن جانبا كبيرا من الضحايا كانوا من المدخنين الذين احترقوا نتيجة استغراقهم في النوم
ولفافاتهم لا تزال مشتعلة فأحرقتهم وبعضهم من مدمني الكحول
أدى فقدانهم وعيهم لاحتراق أجسامهم بنار منزلية
كما أن بعضهم كان يعاني من أمراض الشلل أو عدم القدرة على التحكم في الحركة
مما جعلهم عرضة لأن تمسك بهم نار المواقد بالمطابخ أو المدافئ في حجرات المعيشة
وأخيرا يقول المنكرون
إن هذه الحوادث قد تكون عمليات قتل متعمدة نفذت بإحكام ولم يكتشف الجاني
وحتى هذه اللحظة
لم يتوصل أحد إلى تفسير مقنع قائم على أسس علمية لظاهرة احتراق الأجسام البشرية من داخلها
وهي ظاهرة يؤكدها شهود عيان وصور فوتوغرافية للمحترقين
تلقائيا أثناء الاحتراق وعقب تحولهم إلى جثث متفحمة
حيث تحكى كيف نجت وما الذى شعرت به
وهناك من يفسر الظاهرة بأنها نتيجة لشرارة مصدرها شحنات من كهرباء ساكنة
تتولد من تعرض الجسم لمجالات قوى مغناطيسية أرضية

حوادث غامضة وملف مازال مفتوحاً والفاعل مجهول أترك لكم تقييم الموقف وماهيته كما ترون
أرجو أن أكون وفيت الموضوع حقه وان شاءلله ينال الموضوع إعجابكم



للاستزادة















باب : القصة الكاملة

ما حدث فى ( رأس البر )

« هيا يا ( وليد ) لا تستمع الى معاذير الفتيات الخاصة بأن الساعة تجاوزت منتصف الليل ، و بأن إقتحام المنزل يعاقب عليه القانون ، و أن - و هذا هو الأدهى و المثير للسخرية فى الآن ذاته - ربما يكون هناك قاتل أو شبح يتخذ الشاليه مقراً له ، لا تقل بالله عليك أنك خائف جبان معدوم الحيلة مثير للشفقة ! »


بجوار مدينة ( دمياط ) المصرية يقع شاطئ ( رأس البر ) الذى أصيف فيه هذا العام ، و كعادة الشباب لم أنم مبكراً تلك الليلة مثل العائلة المكونة من أبى أمى و شقيقى بالإعدادية و شقيقتى بالإبتدائية ، و ظللت ساهراً بشرفة الشاليه محاولاً الإستمتاع برائحة يود البحر ..

كانت العائلات متوسطة المستوى كمعظم أصدقائى ، تصيف من أسبوع الى عشرة أيام و ربما تحرك العدد يومين الى الوراء أو الى الأمام ، لذا فكنت أعتبر نفسى محظوظاً إذ سمحت المادية هذا العام ، أن أمكث أسبوعين بالتمام و الكمال .. بعد أسبوع جاف لم أتعرف فيه على أى أحد ، لم يصبنا فيه سوى أشد الملل ، خاصة مع إيقاف خدمة تأجير الدراجات المائية ، بعد إنتشال غريق و صديقته ، لم يزداد الطين بله ، إلا بإنتشار شائعة تفيد بأن الشاليه المهجور القريب ، صدرت منه صرخة رهيبة لفتاة تستنجد من الغرق .. و ذلك منذ يومين بالتحديد ..

طبعاً لم يسفر البحث عن شئ ، مجرد مسكن مهجور آخر تسكنه الفئران و تمرح به العناكب المنزلية ، هذه الليلة بالذات أحس بملل مُقبض ، بعدما استنفذت كافة وسائل التسلية .. الشطرنج الذاتى أصابنى بسأم لا قبل لمخلوق به رغم عشقى للعبة ، القنوات الفضائية لم تعرض أفلاماً جديدة هذه الليلة ، الدورى الإنجليزى متوقف ، و طبعاً أنا أمقت البرامج و المسلسلات كـمقتى لـ ( مارى الدموية ) ، كذلك نفد رصيد هاتفى المحمول ، فعلمت بذكاء أننى لن أتعاطى أية أحاديث مع الرفاق ..

فى هذه الليلة كانت السماء مصابة بذلك الإحمرار الذى يجعلها تبدو موشكة على التقيؤ ، و يجعل روحك ذاتها موشكة على الرحيل من فرط اختناقها الملول .. و على الإضاءة الحمراء ، استطعت أن ألمح الشاليه الخالى من آخر الشرفة ..

و راودتنى الفكرة ..

لما لا .. إنه جالس أمام البحر بلا حيلة ، يعانى من الوحدة ، و ينتظر أن يقضى أحدهم وقتاً ما فيه لفعل أى شئ ، عسى أن يسليه ..

هيا يا ( وليد ) لا تستمع الى معاذير الفتيات الخاصة بأن الساعة تجاوزت منتصف الليل ، و بأن إقتحام المنزل يعاقب عليه القانون ، و أن - و هذا هو الأدهى و المثير للسخرية فى الآن ذاته - ربما يكون هناك قاتل أو شبح يتخذ الشاليه مقراً له ، لا تقل بالله عليك أنك خائف جبان معدوم الحيلة مثير للشفقة !

هكذا التقطت حذاء البحر الخفيف ، و جهاز الموسيقى الخاص بى ، و كذلك زجاجة مياه غازية .. لنرى أى هاجس يحيط بالشاليه الخالى ، و لتكن جولة تفقدية مزيلة للملل ..

*    *    *

غادرت بخفة ، و حرصت على القيام بدورتين قبل دخول الشاليه ، و لاحظت أنه محاط من الخارج برمال أكثر ليونة ، تنغرس فيها القدم أعمق من الرمال الأخرى ، على أى حال انتقيت بقعة صالحة للقفز عبر السور ، تداريها شجرة بحيث لا يمكن أن يلمحنى أحد ما و أنا أعبر ، حتى وجدت نفسى بالداخل وجها لوجه أمام نافذة الشاليه المصنوعة من الخوص البدائى ، معتمدة على تأمين السور ..

و بقفزة واحدة تدربت عليها كثيراً أثناء تمارين كرة السلة ، تعلقت بالإفريز ، و غرست أصابعى بين شقائق الخوص لأجذب النافذة الى الخارج ، و بجهد كبير دفعت جسمى لأعبر من النافذة الى قلب الشاليه ، ثم أغلقتها من ورائى ..

كما توقعت انطلق فأر هنا يعدو مذعوراً لمرآى ، و توارى برص أخضر اللون هناك ، و بضربات خفيفة نفضت الأتربة العطنة التى علقت بى ، لأتأمل المكان على مزيج فريد من السماء المحمرة و قرص البدر ..

لم يكن الشاليه مجهز جيداً و كانت الأثاث القليل المغطى بالملاءات المهترئة يبدو كأشباح ميتة ، مما ينفى إحتمال أن هناك مجرمين يتخذون المكان سكناً ، و ينفى حتى أن يكون اللصوص أنفسهم قد زاروا المكان ، رغم وضعه المغرى للسرقة .. كان مستطيلاً ذو استقبال و صالة مفتوحين على بعضهما ، و الحمام و المطبخ الصغير مجاوران للباب .. الحق أنه مُقبض نوعاً ، يشعرك أن صاحبه سيخرج عليك فجأة ثائراً كالشياطين ، أو أنك - و هذا أسوأ لعمرى - مراقب من قبل عينان غاضبتان .. و همهمت لنفسى :
- لنرى ما حجم المشكلات التى يمكن أن تنشأ .
ثم أشعلت جهاز الموسيقى الصغير الحديث ، و تناولت المشروب محاولاً استهلاك الوقت ، على نغمات أغنية ( الهارد روك ) سريعة الإيقاع ، منخفضة الصوت التى يقول أحد مقاطعها : ( لا تبدأى فى ذلك الى أن أموت ..
لا تغادرى حياة قلبى ، إلى أن يفنى قلبى ..
لا تفعلى و إلا قتلتك ..
و قتلت قلبى )
و ذلك حتى تصل العصابة المزعومة أو دورية الشرطة ، لتبدأ مغامرتى الكبرى التى ستتلخص فى الهرب سالماً حتى مسكنى .. فقط ..

حاولت إرعاب نفسى بتذكر ( جروب مذكرات شبح شاب ) الذى أكتبه على موقع ( فيس بوك ) ، لكنها كانت محاولة مضحكة باءت بالفشل ، يبدو أن قضاء ليلة هنا أكثر مؤانسة من قضائها فى مدينة ملاه ، طاردت فأراً بديناً و ضحكت كثيراً عندما استطعت عرقلته ، ثم تفحصت جداراً حيث اشتبهت أنه يحوى أثر باهت كالظل لجسد ما ..

نعم إنه جسد يبدو أنه كان يفرد ذراعيه ، ملصقاً ظهره بالجدار ، و لا ريب أن هذا الظهر كان قذراً ليترك أثراً واضح الحدود كهذا .. وقفت أمام الجدار على يسارى النافذة ، و على يمينى الباب و فردت ذراعى محاولا تحديد حجم أثر ذلك الشخص بالنسبة لى ، عندما تحركت النافذة منفتحة ببطء بتأثير هواء البحر المنعش ، مظهرة ضوء القمر أكثر و أكثر ، فهمست مصطنعاً الخوف :
- ياللهول !

هكذا لم أولى ظهرى للعالم خلفى ، فألصقت ظهرى بذلك الظل ، لأواجه أية أشباح محتملة ، فهذا العالم أصبح مكتظاً بالأشباح و المسوخ كما تعلمون ، و أصبحت النافذة على يمينى حالياً ، بينما جاء فى خيالى أنه أثر لشخص أكثر ضآلة منى ، ربما أنثى .. ربما تلك الأنثى التى كانت تستنجد .. ضحكت هنا مع تطور محاولاتى لإرعابى بهذا الخاطر ، و مقطع أغنية ذلك المغنى الأمريكى يقول : ( ليتك انتظرتنى ..
ليتك توقفت عن الإستهزاء بى ..
الدماء لا تغرق إلا الآثمين ..
الضالين ..
ليتك لم تغادرى حياة قلبى حتى يفنى قلبى )

طبعاً تعجبت مع اختفاء الفئران التى كان الشاليه يكتظ بها ..

و بينما مازلت فارداً ذراعى طابعاً نفسى فوق الظل رأيت شيئاً غريباً ..

أو بالأحرى لم أرى شيئاً غريباً ..!

كان الجدار أمامى يحوى قطعتى أثاث ، واحدة طويلة لتعليق الثياب ، و الثانية قصيرة عليها قطعة خزفية رخيصة ، الآن لا يمكننى رؤيتهما بوضوح ، كما لو كنت أنظر اليهما عبر لوح زجاجى متعكر ، مما جعلنى أغمض عيناى بقوة و أعيد فتحهما ، و نبضات قلبى تتسارع لسبب غير مفهوم ، كما لو أن الغموض وحده سبب كاف للخوف ..

و كما لو أن قطاع طولى مفتوح أمامى مباشرة ، و مطل على عالم الوهم ، تيبست كالتماثيل الوثنية ، و عندما هززت رأسى مغمغماً :
- ماذا دهاك لترى ما هنالك ؟

و هممت بخفض ذراعى ، انطلقت تلك البلطة فجأة من ذلك المشهد الذى تظل الرؤية عنده فقط مبهمة ، مصحوبة بخوار عميق حاقد ، و اخترقت ذراعى الأيمن عند العضد ، لتمسمره فى الجدار ..

لم أشعر بالألم مباشرة ، مما جعل قلبى يسقط بين قدمى ، هذا معناه من خبرتى السابقة فى الألم أنه ألم حاد و مريع ، لن يلبث أن يجبرنى على الصراخ كالنساء ، و أول خاطر انتابنى أن أقبض على تلك البلطة و أنتزعها لأعيدها لمطلقها اللعين ! لكن البلطة الثانية شقت الهواء بصفير ثقيل ، و انغرست فى عضدى الأيسر لتصلبنى و تكبلنى ..

هنا شعرت ببعض الألم فأطلقت أنيناً خافتاً ، قائلاً بغضب :
- من هنا ؟!

تناهى الى مسامعى صوت مهيب ، فالتفتت الى يمينى بسرعة حيث النافذة ، لأرى شيئاً فاق تصورى و جعلنى أرفع حاجبى لأقصى مدى ، ناسياً تماماً البلطتين ..
*       *      *

( ليتك توقفت عن الإستهزاء بى ..
ليت تلك الليلة توقفت لأظل ألومك مدى العمر ..
ليت الدم أغرقنى بدلاً منك لترى كم كنت بشعة ..
ليتك لم تغادرى حياة قلبى حتى يفنى قلبى )

*       *      *

كان البحر كله قادماً نحوى ..

موجة مخيفة ارتفعت لتطال نصف صورة القمر ، و اتجهت بسرعة جشعة الى الشاليه ..

المثير للقشعريرة أنها حوت مئات بل آلاف البشريين .. و كان بعضهم عبارة عن رءوس مقطوعة حية ، مع اقتراب الموجة الكاسحة ، شاهدت برعب ملامحهم التى تعوى خوفاً ، خوف مخيف ، و رعب مثير للرعب .. و تخيلت كل هذه الرءوس تحيط بى فى لجة و تتمسح بى قبل أن أغرق أنا ، هنا شعرت بألم اختراق البلطتين العاصر يعلن عن عنفوانه ، فصرخت بمزيج من الألم و الخوف :
- النجدة .. سأغرق .

تحركت الموجة أسرع ..

- سأقضى غرقاً .

ازداد ألم البلطتين المغروستين ..

- انقذونى .. سأموت .. سأموت بحق .

ازدادت ملامح الرعب على الوجوه الشاحبة المخيفة ، و .. !

*      *      *

( ليتك انتظرتنى ..
ليتك توقفت عن الإستهزاء بى ..
الدماء لا تغرق إلا الآثمين ..
الضالين ..
ليتك لم تغادرى حياة قلبى حتى يفنى قلبى )

*      *      *

ركلت جهاز الأغانى اللعين فتسارع الصوت مع انضغاط زر التسريع ، لتصل عصبيتى الى نقطة الجحيم ، و شعرت فجأة بقبضة ساخنة تعتصر قلبى ، فتهالك جسدى غير مبالياً بتمزق ذراعاى المثبتان بالبلطتين ، و شعرت فى اللحظة الأخيرة بذلك الظل يغلفنى و يحتوينى ، مع تلاشى المشهد الضبابى ..

ثم عم الظلام ..

*      *      *

قالت لى و نحن نغادر سوياً الشاليه :
- أنت الآن أفضل حالاً .

نظرت الى ذراعىّ الممزقين ، شاعراً براحة غريبة ، و سألتها متجاهلاً ملحوظتها :
- إذاً فقد قتلت فى تلك الليلة و اختفت جثتك ، لكن ما الذى يدفع قاتلنا لإغراقنا بأشباح البحر أجمعين ؟ أى لذة يكتسبها هنا ؟

قادتنا أقدامنا - إذا صح أن نصفهما بالأقدام - الى شاطئ بحر ( رأس البر ) ، متجاهلين دهشة الباحثين الذين جاءوا على صراخى ليجدوا الفراغ ، حتى جهاز الموسيقى و زجاجة المشروب الغازى جرفتهما موجة الأشباح ، و ( علية ) كما عرفت اسمها تقول لى :
- انه ( نكرومانسر ) .. أول ساحر من نوعه يزور تلك المدينة الهادئة ، و لقد قادته روحه الخبيثة لذلك الشاليه فور اتهاء تلك الحادثة القديمة فيه ، ليخفى آثرها تماماً و ببعض التزوير و الرشوة ، يضع يده على الشاليه مستغلا ما حدث لأصحابه فى الحادثة ، و ليمارس فن استنطاق الموتى اللعين .

سألتها فى اهتمام :
- و ما الذى جرى فى تلك الحادثة بالضبط ؟

قالت ( علية ) بمعرفة كبيرة اكتسبتها أنا نفسى فيما بعد :
- لقد انفلت عيار الأب المصاب بمرض نفسى ، و فى إحدى مشاجراته مع زوجته مالكة العقار ، بسبب محاولته أن تتنازل له عن عقد الشاليه ، قتلها بإغراقها فى المغطس ، ثم فصل رأسها ، و ذبح الكلب الأليف ، و وضع رأسه فوق جثتها للإنتقام ، و وضع رأسها هى فوق جثته ، و أجلسهما أمامه ثلاثة أيام إمعاناً فى التشفى ، حتى ساءت حالته بشدة ، فطعن عنقه بسيخ الشى فى نهاية الأمر .

شعرت بالإمتعاض رغم حالتى الجديدة التى أصبحت عليها ، و قلت شارداً قلباً و قالباً :
- هنا مارس النكرومانسر تجربة جديدة من تجاربه مستغلاً الوضع الفريد .

واصلت كأنها لم تسمعنى :
- هكذا استغل حقد شبحها الهائل لإغراق كل من يلج الشاليه ، حتى يعود هو اليه يوماً و يجد دزينة من الأشباح الأتباع الذين سيفيدونه كثيراً .

انتابنى غضب مخيف و أنا أقول لها :
- لن أكون تابعاً لأحد .

هزت كتفيها بيأس و قالت ، و نحن نتوغل بالفعل سيراً فوق أمواج البحر المظلم  :
- لقد تسمرت برعب على ذلك الجدار عندما رأيته لآخر مرة شخصياً ، قبل أن يحضر شبح تلك المرأة الثائرة ، التى استخدمت بلطتين أهداهما هو اليها ، لتنتقم انتقام أبدى أعمى .. لن أستطيع مقاومته يا ( وليد ) إنه قوى جداً .

قلت لها بصوت هادر كقصف الرعد ، و نوح الأشجار الباسقة :
- أنا سأفعل و لتكن أولى مغامراتى فى ذلك العالم الجديد .

و لكن هذه قصة أخرى ..

*      *      *

هذا ما حدث فى ( رأس البر ) ..

و هذا الذى جعلنى أندم على تجاهل معاذير الفتيات .. الخاصة بأن الساعة تجاوزت منتصف الليل ، و بأن إقتحام المنزل يعاقب عليه القانون ، و أنه ربما يكون هناك قاتل أو شبح يتخذ الشاليه مقراً له !

لكنى على الأقل واصلت ( جروب مذكرات شبح شاب ) ، لكن هذه المرة ..

بقصص حقيقية ..

*      *      *

] تمت بحمد الله [

بقلم / عصام منصور







قصة العدد من أولى سلاسل الأبطال ( سيفاو ) :

مقدمة القصة :
« و فجأة ظهر أمر خارق جديد ..

فقد توهجت البئر بضوء أزرق شديد اللمعان ثم انبثق شعاع باهر من الأعماق إلى عنان السماء
هنا .. صرخ الجميع صرخة عالية .. ظافرة .. رهيبة ..
ثم سمع ( ممدوح ) و ( رشيد ) و ( سالي ) خوارا شيطانيا ينبعث من البئر ..
 »
شيطان  )إيلات(



 
تمهيد

دخل الرائد ( رشيد المازغي ) من بوابة مبنى الإدارة المركزية للمنظمة العربية الأمنية - فرع ( المغرب ) - بتلك المنطقة الهادئة من حي ( السويسي ) بـ( الرباط ) حيث يعمل منذ انتقاله إلى المنظمة قادما من المخابرات المغربية ..
كان ملف الرائد الخارق في المخابرات قد قدم له دعما إضافيا وتسلق المراتب بسرعة حتى أصبح أهم ضابط عمليات خارجية على الإطلاق ..
فالرائد ( رشيد ) لمن لا يعلمه منكم !! يمتاز بقدرات مذهلة ما زال التحدث عنها في نطاق السرية الفائقة بين مرؤوسيه المباشرين والقيادات الأمنية العليا وحسب بأمر من جلالة الملك ( محمد السادس ) نصره الله وأيده الذي فضل أن يبقى الرائد في خدمة القضية العربية بدل أن يعمل حارسه الشخصي باقتراح من مستشاره الأمني الخاص
قدرات فائقة سنتعرف عليها، أو على بعضها، في المهمة الجديدة التي تنتظره ..

1

وصل الرائد رشيد إلى مكتب المدير أخيرا والتقط نفسا عميقا وهو يقف لحظات أمام الباب، ثم طرق الطرقات الثلاث
- تفضل .
جاءه صوت المدير فمد يده لمقبض الباب يفتحه، حين غطت عينيه غشاوة مفاجئة ثم رؤيا لرجل أبيض الشعر تبدو على ملامحه القوة رغم سنه الكبيرة، رجل يعرفه (رشيد) جيدا.
لكن رؤاه لم تدم سوى جزء من الثانية ليدخل في جزئها الآخر المكتب على عجل وهو يهز رأسه لاعنا قرينه الجني (سيفاو) وقدرته على الاستبصار التي لا يسيطر عليها تمام السيطرة. ويبدو أن المدير قد اكتشف ذلك – فهو معتاد - إذ ابتسم وهو ينظر إليه ويدعوه للجلوس قائلا بابتسامة وعاقدا يديه أمام وجهه:
- أرى أنك تعرف من جاءني صباحا إذن .. عظيم هذا يسهل الأمور قليلا
- أنا .. لم أقصد .. المعذرة
- لا تعتذر أيها الرائد .. لا تعتذر
قال المدير وهو يشير بكفه ثم أردف :
- أنت تعرف قطعا بأن سيادة السفير المصري بالمغرب (صفوان الحلواني) كان ضابط مخابرات أسطوريا .. قبل أن يتقاعد منذ فترة من عمله كمستشار أمني لسيادة الرئيس المصري مفسحا المجال لجيل جديد في مدرسة المخابرات المصرية التي كانت دائما مرجعا لنا .. ويفضل سيادته العمل كسفير في المغرب بلده الثاني كما يقول دائما باعتزاز ..
لذلك كان لجوءه إلينا – رسولا للمخابرات المصرية - في مهمة خطيرة تتعلق بالأمن المصري والعربي شيئا ذا دلالة ووسام لنا أن نعتز به ونفتخر
- يلجأ إلينا نحن ؟؟
- نعم ..
قال المدير يومئ برأسه وأردف :
- ستفهم السبب حالا حين تعرف طبيعة المهمة ..

وأخذ رزمة الأوراق أمامه يمدها للرائد في ملف أصفر مردفا :
- الأمر خطير فعلا لو صح كل حرف فيه
التقط الرائد الملف وهو يحاول كتم رغبة لا تقاوم باستباق الأحداث وقراءة أفكار المدير بإيعاز من قرينه النائم (سيفاو) ..

2

- هل تعلم .. ؟
قال رشيد وهو في منزله الكائن بحي ( تابريكت ) في ( سلا ) ، جمع حقيبة السفر واستعد لميعاد طائرة الخطوط المغربية نحو ( باريس ) ، حيث يستقل طائرة ( العال ) إلى ( تل أبيب ) ، ولم ينس كما يفعل كل مرة يسافر فيها خارج البلد أن يجلس في الشرفة يتلذذ في استمتاع بشرب قهوة خاصة تعدها الخادمة البيضاء ( زهيرة ) الجبلية الجميلة جمال ( الأطلس ) ، كانت خادمته تتقن صنع القهوة مع الأعشاب الطبيعية التي تشحنه – أو هكذا يشعر – بطاقة هائلة هو وذلك الكائن الجبار الذي يسكن جسده ويشاركه حياته.
ذلك الكائن الذي كان يجلس أمامه يتأمل بدوره المدينة الحية عبر الشرفة، كائن يشبهه تماما إلا من عينين كاملي البياض وبشرة حمراء بشكل غير عادي.
لم يكن أحد سواه يراه، لا يذكر بالضبط متى شعر بوجوده يشاركه حياته وجسده لكن ذلك كان منذ زمن قديم قديم، حتى طفولته ونشأته لا يذكر عنها شيئا، أي شيء.
- ماذا ؟
تساءل القرين (سيفاو) وهو ينظر إليه وفي عينيه التي يشع بياضهما بشكل غريب، فأجاب (رشيد) :
- أشعر أن هذا الملف يخفي وراءه شيئا خطيرا.
وأردف وهو يشرب من الكوب مزيدا من القهوة وبخارها زكي الرائحة يدغدغ أرنبة أنفه:
- هل .. ؟
قاطعه (سيفاو) :
- لا .. أنت تعرف أن الجن لا يعلمون الغيب
هز (رشيد) رأسه ونظر لساعة يده يتأكد من اقتراب موعد الطائرة، ثم عاد يشرب القهوة وهو يفكر في المهمة التي تنتظره ويلعن في نفسه – متأكدا من أنه يسمعه – قرينه الصموت كجثة.


3

توقف موظف المطار طويلا عند وجه (رشيد) في مطار تل أبيب. قبل أن يسأل وهو يعود لمقارنة صورة الجواز:
- (جاد ميمون) ؟؟ .. أنا أيضا أصلي من الجالية اليهودية بالرباط .. وأعرف عائلة (ميمون) واحدا واحدا بحكم القرابة .. لم أتعرفك تماما ..
رد (رشيد) ببرود :
- أنا لست من الجالية اليهودية بالمغرب بل من اليهود المغاربة .. أعمل في الرباط لكن أصلي من مدينة الصويرة ..
احمر وجه الموظف من الحرج وقد أدرك تلميح (رشيد) فأسرع مرتبكا بإنهاء الإجراءات وختم الجواز قائلا باعتذار:
- آه فهمت .. معذرة لتطفلي أدون (جاد) .. أتمنى لك إقامة طيبة في إسرائيل
استقل (رشيد) أول سيارة أجرة إلى فندق(سانتر) بشارع (زامنهوف) حيث سيلتقي

بأحد الزملاء المصريين الذي سيرافقه في مهمته.
وطوال الرحلة القصيرة تساءل عن هوية الرجل، واسترجع بذكرياته مهماته السابقة مع ضباط مصريين، غير أن صورة ضابط واحد ألحت على عقله، أسود الشعر بني العينين وذا قبضة ملاكم قاتلة، ربما لكثرة ما عملا سوية، ولأنه يقدره كثيرا ويستريح للعمل معه.
وكان في شرفة غرفته بالفندق يلقي نظرة على المدينة السليبة، يتأمل بأسى طاغ لم يغادره حتى وهو يعود مكتئبا إلى داخل الغرفة ويستلقي على السرير محاولا جمع أفكاره وتركيزها حول مهمته.
مهمته وحسب.

4

أخذ (رشيد) يتجول ماشيا ببطء في الشارع بعد نزوله من الفندق في العاشرة صباحا والنصف كما نصت رسالة العميل المصري. حتى توقفت بجانبه سيارة أجرة تكهن من رقمها أن العميل قد وصل، ففتح بابها الخلفي ودخل قائلا :
- متحف التاريخ من فضلك ..
ردت راكبة بجواره :
- وهل لإسرائيل تاريخ مشرف لتقام له متاحف ؟
نظر (رشيد) مندهشا للراكبة، بشعرها الأشقر الذهبي –المصبوغ غالبا- ونظارتها السوداء، وتخيل لوهلة أنه فخ. قبل أن يسمعها تردف بمصرية أطربت أذنه :
- مرحبا بالعميل الخارق .. من كثرة ما سمعت عنك .. أنا متشوقة للعمل معك ورؤية فنك.
ومدت يدها مصافحة، فقابلها (رشيد) بالمثل وإن لم يغادره ارتباكه، كانت مفاجأة لم تخطر له على بال أن يكون زميل المهمة التي ينتظره فتاة، حتى أن الشك بدأ يتطرق إلى نفسه من قدرات قرينه التي لا يسيطر عليها أحد منهما. وظل على تلك الحال مصافحا لثوان تحركت فيها السيارة بسائق تكهن (رشيد) أنه عميل آخر.
ورد متلعثما وهو ينظر للعميلة المصرية التي كشفت عن عينين قويتين:
- لي الشرف أيها العميل (العاصفة)
ندت من السائق ضحكة والتفت إليهما لحظة قائلا :
- (سالي) .. اسمها (سالي) يا (رشيد) .. (العاصفة) هو اللقب الذي أضايقها به.
كان ذلك (ممدوح صبري) الضابط الذي طالما عمل مع (رشيد). ففتح الأخير فاه دهشة وقال :
- أنت أيضا ؟؟
أما (سالي) فقطبت حاجبيها ضيقا وقالت :
- لن أسامحك أيها الضابط .. إذن أرسلت الرسالة الشفرية للفندق باسمي حتى تفاجأ صديقك ..أنتم الرجال ؟؟ .. لن أفهمكم أبدا
- لا تحاولي .. قال (رشيد) وهو يمد يده يصافح (ممدوح) ويردف :
- كنت سأنزعج لو لم تكن أنت .. عرفني بالآنسة ..
- تقصد (العاصفة) .. زميلتي الجديدة الملازم (سالي عامر) .. شوكة في حلقي منذ عمليتنا الأخيرة في (رومانيا) ..
مطت شفتيها وعقبت :
- من الشوكة في حلق الآخر .. أنت مدين لي بحياتك مرتين
ضحك (رشيد) وقال لـ(سالي) :
- أما زال يهوى تلقي الرصاصات ..
قال (ممدوح) :
- أنت تعلم كم تحبني الرصاصات .. لقد تطعمت منها منذ زمن .. أنا لو شئت كمربي النحل الذي لم تعد لسعات النحل تؤثر فيه.
قال (رشيد) :
- أخشى أن تصدق هذا يا صديقي.
مرت لحظة صمت قطعتها (سالي) قائلة :
- بعد التعارف .. دعونا نعد للمهمة .. وجهتنا الآن ..
قاطعها (ممدوح) قائلا :
- (إيلات)

5

دلفت (سالي) إلى غرفة (ممدوح) في فندق (كورال بيتش) على خليج العقبة والذي استقر فيه الفريق. كانوا قد قضوا جزءا مهما من مساء وليلة البارحة في تفقد المكان ومراقبة أفراد الطائفة.
كان (رشيد) يفطر ويراجع في نفس الوقت التقارير العاجلة، جلست على الطاولة الصغيرة مع الاثنين وقالت وهي تلتقط سكينا وقطعة توست: - ذلك المفتش البغيض ما زال في الأسفل يطرح الأسئلة ويفتش أوراق الجميع .. يبدو أن أحداث اليومين السابقين قد أثارت انتباه الشرطة هنا ..
نظر إليها (رشيد) وقال :
- سأحاول تلخيص ما فهمته منكما ومن الأوراق وأرجوا أن تصححا لو أخطأت .. هناك طائفة من عبدة الشيطان اليهود هنا في (إيلات) .. يترأسهم كاهن مشعوذ يدعى (هانس نيوفيلد) .. يعدهم بأن يستدعي الشر الذي سيطهر أرض (مصر) .. وهناك شك كبير في أنه ينوي إقامة حفل طقوسي كبيرا يقدم فيه قرابين بشرية .. أنتما الآن تحاولان معرفة مكان وموعد هذا الطقس المرتقب ..
قالت ( سالي) بشك وهي تقضم من قطعة التوست بالجبن:
- حتى الآن أنا لا أصدق أن هناك خطرا من جماعة المخابيل هاته .. بإسثناء تلك الحوادث الغريبة التي حدثت بهذا الفندق .. والتي يمكنني عمل أفظع منها بمؤثرات خاصة طفولية .. فلم نر شيئا خارقا بعد ..
أخذ (ممدوح) رشفة من كوب القهوة وقال :
- لا أوافقك الرأي أيتها (العاصفة) .. تلك الأصوات الغامضة والأشباح السوداء التي بدأت تظهر بكثافة وتبث الرعب بين نزلاء الفندق نذير لما سيحصل فقط .. ثم لو كان الأمر بسيطا كما تقولين .. لما كان ليتواجد فردان من (الموساد) بالفندق أيضا.
وضع (رشيد) التقارير جانبا وقال:
- الرائد (ديفيد موفاز) والملازم (سارا شمعون) .. هل نعرف شيئا عن مهمتهما ؟؟
(سالي) :
- يفعلان مثلنا بالضبط .. يراقبان أفراد الطائفة .. وهم شخصيات مختلفة من المجتمع الإسرائيلي وأغلبهم قادمون من أوروبا وأمريكا .. حوالي ستون شخصا يمكن القول أنهم صاروا يحتلون الفندق تماما بعد مغادرة أغلب النزلاء الآخرين إثر الأحداث الغريبة.

(ممدوح):
- المهم الآن .. علينا التحرك .. لقد زرعت أجهزة التصنت كما اتفقنا أمس في غرفة بعض النزلاء من أفراد الطائفة .. وباستثناء تعاويذهم الشيطانية بلغتهم المأفونة فلم نحصل على شيء يذكر .. لقد قضيت الليل بأكمله على الأجهزة وأنا أشعر بأنني في جلسة تعذيب
(رشيد):
- لأنهم حذرون .. لو كان ما ينوون القيام به حقيقيا فعليهم أن يحيطوا الموضوع بنوع من السرية ..
(سالي):
- ما العمل إذن ؟
(رشيد):
- ننتقل إلى الخطة باء.

6

كان (مارك لودفيك) في ورطة حقيقية.
كبلته (سالي) تماما من الخلف وهي تجره إلى داخل الغرفة، (ممدوح) وراءها يؤمن الطريق داخل ممر طابق الفندق. بينما ينتظر (رشيد) بالداخل مهيئا غرفة الإستجواب.
قيد الرجل المكمم إلى كرسي وسط الغرفة، وأخذ يدير عينيه في الثلاثة وهو في قمة التوتر والخوف. (سالي) تشغل جهاز الموسيقى وترفع قليلا من صوت أغنية عبرية فولكلورية.
وحين جلس (رشيد) على كرسي مقابل أشار لـ(ممدوح) الذي نزع كمامة (مارك) الذي أطلق سبة بذيئة لم يراع فيها وجود (سالي) فانطلقت قبضة (ممدوح) لا إرادية لتقيل من فكه العلوي سنا.
(رشيد) :
- مهلك يا رجل .. قبضتك بقوة 200 كيلو وقد تقتله شر قتلة.
(سالي):
- مرحبا بك إذن في عالمي .. لا أعرف متى يستخدم عقله .. بهذه الطريقة سيقتل نصف أتباع (هانس) هذا قبل أن نظفر بمعلومة واحدة
شد (ممدوح) الرجل محطم الفك من ياقة قميصه الأسود وقال :
- هل سمعت يا هذا ؟ أنا لا أستخدم عقلي كثيرا .. فارحم نفسك وقل لنا مكان وموعد الطقس الذي تنوون إحياءه
قال (مارك) بألم :
- عن أي طقس تتحدثون أيها المجانين .. أنا لا أعرف عم تتكلمون ؟
(سالي):
- جيد جدا .. أجهز عليه ولنبحث عن واحد آخر يعلم ..
(ممدوح):
- بدأت تقتنعين بوجهة نظري إذن ..
وهوى على وجه (مارك) بضربة أخرى أزالت المزيد من الأبيض عن فكه.
صرخ الرجل بقوة اضطر معها (رشيد) لزيادة صوت الموسيقى وقال موجها كلامه لـ(ممدوح) :
- لا يا صديقي .. بدأ مستواك يتراجع .. من المفروض أن تسقط رأسه على صدره الآن ويودع هذه الحياة البائسة.
(ممدوح) لـ(مارك) المهشم الوجه:
- هل سمعت أيها الوغد .. أنت تسيء إلى سمعتي
وضم قبضته للكمة أخيرة حين هتف (مارك) :
- سأقول كل شيء .. سأقول كل شيء
وقد فعل

7

كان الليل باردا في تلك الواحة المهجورة.
اختفى أبطالنا خلف شجيرات نخيل صغيرة تراكمت عند نخلة عملاقة، وتسلق (ممدوح) جذعها بخفة سنجاب ثم همس لرفيقيه:

- استعدا .. هناك قادم
وهبط إلى جوارهما بقفزة رشيقة كالحجر
(سالي):
- قل لي أيها الرائد (رشيد) .. لماذا لم تستخدم قدراتك مع ذلك الوغد الذي انتزعنا منه مكان وموعد الطقس الجهنمي .. لقد أخبرني (ممدوح) أنك تستطيع قراءة الأفكار.
(رشيد):
- ليس دائما .. المشكلة معي أنني نفسي لا أعرف متى أستخدم قدراتي .. وكثيرا ما تخذلني عندما أحتاجها.
(سالي) بإحباط:
- هذا يعني أننا قد لا نرى شيئا منها الليلة
ضحك (رشيد) وقال :
- ربما .. لا أعدك بشيء .. لكن لو ساءت الأمور فقريني يظهر غالبا .. حينها أرجوك .. لا تقفي في طريقي
وقال الجملة الأخيرة بجدية اقشعر لها بدن (سالي) فالتفتت إلى (ممدوح) الذي كان شاردا.
كان يستعيد بفخر ذكرى الحرب حيث كان يلقن الأعداء دروسا في هذه الواحات.
كان وقتها سيد الصحراء بلا منازع.
لكنه قلب صفحة ذكرياته بأسرع مما تصفحها وهو يتيقظ بحواسه كلها لما يجري أمام عينيه.
مرت أمامهم قافلة من أشخاص ذوي قبعات سود يحملون عصيا وكتبا سميكة ويتقدمهم شخص ذا عباءة سوداء طويلة وقبعة سوداء عريضة تتدلى من فوديه خصلتين طويلتين من شعر أسود ملولب، ولا يكاد يظهر من وجهه سوى أنف طويل معقوف كمنقار عقاب أمريكي
(هانس نويفيلد)
ثم اكتملت القافلة بفتيات متشحات بالسواد وبضعة أشخاص مقيدين مكممي الأفواه يجرهم رجال غلاظ مفتولي العضلات.
كانت قافلة الجحيم في طريقها إلى موعد الشيطان.

8


تتبع الثلاثة بحذر أفراد الطائفة إلى مساحة واسعة خالية وسط الواحة تتوسطها بئر مهجورة.
كون المخابيل حلقة هائلة .. وتوقف (هانس) في مركزها بجانب البئر .. يتقدمه خمس من مفتولي العضلات يسوقون أشخاصا لا حول لهم ولا قوة سوق النعاج.
قال (ممدوح) بعصبية :
- أهؤلاء هم القرابين ؟
(سالي) بهمس :
- اصمت .. سيسمعوننا.
همهم (هانس) بكلمات غامضة في لغة غريبة ومد يديه، إحداهما تحمل المجلد السميك، كتاب الظلال خاصته.
فكر (ممدوح) .. كان ذلك يشبه عرضا سخيفا من عروض المسارح من الدرجة الرخيصة، أو عروض كاباريه من شارع الهرم.
ولسخرية الموقف .. تقدمت من كوكبة المتحلقين حول (هانس) خمس فتيات تلبسن عباءات سوداء .. ثم وتحت نظرات (رشيد) و(ممدوح) و(سالي) الذاهلة .. نزعن العباءات مرة واحدة.
لتظهر خمس راقصات شرقيات انطلقن توا في رقصات محمومة
رقصات شيطانية
كن يتلوين كأفاع سامة حول البئر و(هانس) والقرابين

قال (محمود) باندهاش:
- ما هذا ؟
(رشيد):
- لنتابع ما سيحصل فهذا العرض السخيف يخفي وراءه شيئا ..

9

لنصف ساعة .. نصف ساعة .. أخذت الراقصات يطفن حول البئر في رقصة الأفاعي السامة تلك بينما (هانس) يتمتم تعويذاته والرجال الآخرون جامدون في أماكنهم كتماثيل من الصلب بإستثناء الرهائن المكبلين الذين أخذوا يحاولون يائسين التحرر من قبضة مقيديهم مفتولي العضلات.. (ممدوح) و(رشيد) مبهوتان يحاولان تكهن ماذا سيحدث بينما (سالي) تكاد تذوب مكانها من الحرج.
(سالي) :
- أنظرا للراقصات .. إنهن يتحركن بانتظام حول البئر .. دققا في الشكل الذي يرسمنه أرضا
(رشيد) :
- نجمة خماسية رؤوسها عند أطراف الحلقة
(ممدوح) :
- علامة كنيس الشيطان
فجأة بدأ (هانس) يهتف عاليا بتعاويذه غير المفهومة .. نبرة صوته تتغير وتعلو في نفس الوقت الذي تزيد فيه الراقصات الخمس من وتيرة حركاتهن المحمومة كأنهن توحدن تماما مع أرواح شيطانية.
قال (ممدوح) برهبة :
- ما هذا ؟؟ .. يا للهول
كانت النجمة الخماسية التي تحدثت عنها (سالي) ترسم بأياد خفية على أرض الواحة .. وبلون أزرق باهر ..
قال بسخرية موجها كلامه لـ(سالي) :
- من تحدث عن المؤثرات الخاصة ؟؟
وأخذ الآخرون من أتباع (هانس) يرددون تعاويذه .. لتزداد حدة الضوء الأزرق المنبعث من النجمة الرهيبة وحركة الراقصات الخمس
ثم توقفت الراقصات عند رؤوس النجمة الخماسية وسقطن أرضا كأنما أستهلكن تماما.
لكن الآخرين التفوا حولهن يساعدنهن على الوقوف وارتداء العباءات من جديد
وفجأة ظهر أمر خارق جديد
فقد توهجت البئر بضوء أزرق شديد اللمعان ثم انبثق شعاع باهر من الأعماق إلى عنان السماء
هنا .. صرخ الجميع صرخة عالية .. ظافرة .. رهيبة
ثم سمع (ممدوح) و(رشيد) و(سالي) خوارا شيطانيا ينبعث من البئر
قال (ممدوح) بتوتر :
- ماذا تظنان كان هذا ؟
اقترب (هانس) من البئر وفتح المجلد الذي يحمله ثم شرع يتلو من جديد وهو يتمايل كرقاص ساعة قديمة .. بينما أخذ الرجال المقيدون يحاولون التخلص من قيودهم بهيستريا كأنما استشعروا نهايتهم المحتومة.
هنا .. ولمرآهم الفزع .. نهض (رشيد) من مكمنه وقال بحزم لرفيقيه :
- يكفي ما شاهدناه الآن .. يجب أن نتحرك .. مهما كان الشيء الذي سيخرج من هاته البئر .. علينا تدميره وإنقاذ هؤلاء المساكين ..

10

كان (هانس) مشغولا بترانيمه العجيبة المحمومة بينما يراقبه أتباعه كما لو نوموا مغناطيسيا وتحولوا إلى زومبي.
وكان الأسرى يرتجفون هلعا ورعبا تمنعهم الكمامات على أفواههم من إطلاق صرخات رهيبة.
وتضاعف الخوار الذي يصدر من فوهة البئر ..
وارتجت الأرض ارتجاجا خفيفا ..
ارتجاجا كالذي يسبق انفجار بركان
أو خروج شيطان

11

بدأ الهجوم بقنبلة دخان ..
ثم أطلق (ممدوح) رصاصات مسدسه على السيقان ليصنع طريقا ..
قال (ممدوح) لـ(رشيد):
- هل سبق أن أخبرتك لماذا أطلق على (سالي) لقب (العاصفة) ؟
(رشيد) :
- لا .. لكن الوقت مناسب جدا كما ترى .. هيا خذ كل وقتك وقل لي ببطء كي أسمع
(ممدوح):
- ما أظرفك .. فقط شاهدها وهي تعمل
كانت (سالي) تتقدمهما نحو كوكبة من أتباع (هانس) طاروا في الهواء إثر عاصفة ركلات ولكمات خيالية فتحت الطريق نحو (هانس).
قالت (سالي) هاتفة لـ(ممدوح) :
- احذر أن تصيب كتاب (هانس) .. ربما كان وسيلتنا لوقف هذا العمل الشيطاني
قال (ممدوح):
- لا تقلقي
ونسف رؤوس الرجال الذين كانوا يكبلون الأسرى.
حين طار (رشيد) مستعملا قدرته الخارقة على القفز الهائل ليهبط وسط الحلقة كصاعقة من السماء .. ومارس فنه المفضل ..
بدأ بركلة في وجه (هانس) أطارته وكتابه أمتارا طويلة بعيدا عن البئر المتوهج .. قبل أن يحوطه جيش الأتباع ويحيلون بينه وبين (هانس).
وأخذوا يتقدمون نحوه كزومبي من (هونولولو) ..
ليبدأ القتال الحقيقي ..
شعر (رشيد) بنشوة حقيقية وهو يبدع لوحات كاليجرافية في فنون تهشيم العظام وتحطيم الفكاك والأنوف وتوجيه اللكمات التي كانت لقوتها كأنها طلقات مدافع ومجانيق
لكن أعداءه استقبلوا هجومه الكاسح بغرابة
لم يكونوا يقاتلون في ظروف عادية
لم يأبهوا للآلام الفظيعة التي كانت تسببها إصاباتهم وكأن لا أعصاب لهم أو أن جهازهم العصبي في راحة.
توقف (رشيد) عن إرهاق نفسه بالقتال وفكر : ربما فعلا تحول هؤلاء المخابيل إلى زومبي مسلوبي الإرادة من شدة إيمانهم بذلك المخبول (هانس)
لذا عليه التخلص منه هو وفورا.
سمع قهقهة المشعوذ خلفه وهو يعود ليحمل كتابه اللعين ويقول :
- لن توقفنا يا هذا .. مهما تكن أو تظن انك فاعله فقد فات الأوان .. لقد حان الوقت .. حان الوقت ليبعث الشر
وإنطلق في الغناء والترنيم
قالت (سالي) :
- صوته مقزز .. كأنه حمار في أزمة حب من طرف واحد
وواصلت دورانها القتالي كزوبعة بشرية.
أما (ممدوح) فلم يستطع الحفاظ على توازنه فكاد يسقط مع إرتجاج الرض الذي بدأ يأخذ أبعاد الزلزال

وارتفع الخوار الصادر من البئر
وبينما وصلت (سالي) إلى الأسرى تفك قيدهم وتساعدهم على النفاذ بجلودهم كان (رشيد) يلجأ لوسيلة قاسية ..
كان يكسر أرجل مهاجميه بصفة نهائية لكي لا يتحلقوا حوله من جديد كلما ابعدهم عنه
لكنهم كانوا يزحفون نحوه كأنه مغناطيس وهم برادة الحديد ..
ولشدة غضبه كسر عنق واحد واثنين ..
كان يعيش كابوسا حقيقيا ..

12

فجأة عاد (ممدوح) للمعركة بعنف ..
كان يحمل رشاشا أطلق رصاصاته على أتباع (هانس) الذين تكوموا في تلك اللحظة على (رشيد) بالعشرات ..
وفي لقطة أقل ما يمكن القول عنها أنها مستحيلة .. انفجرت كتلة الأجساد في الهواء كاشفة جسد (رشيد) الغاضب بشدة ..
جسد أحمر البشرة بعينين لا حدقتين فيهما ..
كان يعرق كالسيل وهو يحول وجهه نحو (هانس) ويجري نحوه بسرعة خرافية ..
(هانس) الذي اتسعت عيناه رعبا وكأنه يرى شياطينه رأي العين ..
لكنه لم يتوقف عن القراءة وتلاوة التعاويذ .. البئر يتوهج .. الخوار يتصاعد .. الأرض تهتز بقوة أكبر فأكبر .. الجو يزداد حرارة كأن الجحيم فتح نوافذه مشرعة على المكان ..
ثم وصل (رشيد) ..
لم تصدق (سالي) .. وتحت عيونها الذاهلة المرعوبة ما رأت ..
كان (رشيد) قد اختفى تماما وسط المسافة بينه وبين (هانس) قبل أن يظهر فجأة أمامه .. ويلكمه في صدره لكمة مستحيلة ..
هذا لأن (هانس) تمزق إثرها قطعا على الأرض ..
وتوقف كل شيء .. ارتجاج الأرض وتوهج البئر وأتباع (هانس)
سقط الكتاب أرضا .. وسقط (رشيد) على ركبتيه أمام قطع المشعوذ الدامية .. كان (رشيد) يلهث وقد عاد لحالته الطبيعية واختفى احمرار جسده ..
أسرع (ممدوح) يطمئن عليه .. بينما (سالي) ما زالت مرعوبة من الأمر الذي كانت شاهدة عليه للتو ..
انحنى (ممدوح) يحمل الكتاب الملوث بالدم .. وكاد يسقطه من يده هلعا عندما عاد الخوار ينبعث من البئر .. معلنا عودة الكابوس ..
قال (ممدوح) :
- اللعنة .. ألن ينتهي هذا ؟
(رشيد) :
- لنلق نظرة على البئر إذن..
وفعلا ذلك بالفعل .. ليتراجع (ممدوح) وخوف رهيب يسيطر عليه .. كانت هناك فجوة في أعماق البئر تطل منها عين شيطانية عملاقة ..
عين كائن من أعمق أعماق جهنم ..
قالت (سالي) مرتبكة وهي تقترب من رفيقيها :
- ما العمل الآن ؟
(رشيد) لـ(ممدوح) :
- الكتاب ؟
(ممدوح):
- لم أفقه شيئا .. مكتوب بلغة غريبة ..
وتأكد (رشيد) و(سالي) فعلا من اللغة الغريبة .. مزيج من الحروف العبرية والعربية والأرقام والرموز .. فقط (رشيد) شعر في نفسه بهاتف يهتف بأن اللغة مألوفة .. لكنه رغم ذلك لم يفك ولو حرفا من رموزها ..

كررت (سالي) :
- ما العمل إذن ؟
كان الخوار يرتفع من البئر ويمزق آذانهم ..
أخذ (ممدوح) من حزامه علبة سوداء صغيرة وقال :
- نلجأ للوسائل التقليدية .. إنها مضمونة دوما ..
اتسعت عينا (سالي) وقالت :
- قنبلة شديدة الإنفجار .. لكن مدى تأثير هذه القنبلة واسع .. لن نبتعد المسافة المأمونة في الوقت المناسب ..
نظر (ممدوح) لـ(رشيد) وقال الأخير :
- لا تقلقي من هذه الناحية .. أنا خبير في تطوية الأرض
لم تفهم بادئ الأمر لكنها تذكرت اللقطة التي اختفى فيها ثم ظهر أمام (هانس) مباشرة فخيل إليها أنها فهمت. بينما (ممدوح) يشغل القنبلة ويرمي بها البئر الذي لفظ بعدها تيار هواء قويا مع صرخة شيطانية.
وقال (رشيد) وهو يضم رفيقيه معا وجلده يتحول من جديد إلى اللون الأحمر :
- ابق في الجحيم الذي نبتت منه
واختفى بهما فجأة من الواحة التي بدت ساكنة لحظة في ليل الصحراء البارد.
وبعيدا في ثكنة اسرائيلية على الحدود نهض جندي الحراسة من مقعده في برج المراقبة وقال لرفيقه الذي كان يستلقي بقربه :
- (حانون) .. اللعنة .. أنظر هناك
فتح الآخر عينيه وحدق في الأفق بدوره قبل أن يعقد حاجبيه توترا ويقول :
- اللعنة .. ماذا تظن ذاك
كانت بقعة من الصحراء قد توهجت نارا أمامهما لحظات وقفا فيها كالأبلهين قبل أن يصم آذانهما صوت قوي أقسما من بعد وهما يحتضران أنه صوت كائن جهنمي يصرخ غضبا وحقدا وشرا.
وضربت موجة هائلة برج المراقبة لتعبره إلى الثكنة التي خلفت فيها دمارا هائلا.
ورعبا بلا حدود.


13

في أحد أقبية مبنى كبير وسط إسرائيل تابع لوحدة خاصة وسرية للموساد دلف إلى غرفة باردة رجل في نحو الستين من عمره ببذلة رسمية تزين صدرها نياشين بطولة زائفة وأشار لرجل يلبس وزرة بيضاء بالخروج وهو يتأمل ببرود منضدتين معدنيتين يشع رداء أبيض مفرود في كل منهما تحت ضوء أبيض بارد ينبعث من السقف. كانت هناك أجزاء بشرية متفحمة على الرداءين جمعت كقطعة بازل لتكون جسدين وقف الرجل العجوز بينهما طويلا حتى غادر الرجل ذو الوزرة وأقفل الباب خلفه. هنا مد الرجل يديه إلى جيبه مخرجا قلادة ذهبية تزينها ياقوتة حمراء كبيرة وشرع يتمتم بمفردات غريبة توهجت على إثرها الياقوتة، وتحركت الأطراف المتفحمة لتلتصق بباقي الجسد وتستعيد نضارتها وشكلها البشري، ويبدو جسدا (ديفيد موفاز) و(سارا شمعون)، الأخيرة تنهض وهي تستر نفسها بالملاءة البيضاء وهي تمسك رأسها بألم.
قال (ديفيد) وهو يعتدل على المنضدة الباردة :
- لقد مللت من الموت والعودة على هذه الطريقة يا جنرال (عازر) .. متى سأصل إلى الضوء الأبيض في نهاية النفق
قالت (سارا) بسخرية :
- قد لا تسر بما ستراه .. ربما كان يفضي بك إلى قلب الجحيم
قال الجنرال ببرود :
- أنتما ميتان فعلا .. لولا هذه القلادة لصرتما حفنتين من تراب
وأعاد القلادة التي خاب توهج جوهرتها إلى جيب سترته مردفا :
- ارتديا ملابسكما واتبعاني إلى المكتب .. أنا بانتظار تقريركما المفصل عن طقس (هانس نويفيلد) عن الفريق المصري الخارق ذاك وما حدث في (إيلات) بالضبط
ودار على عقبيه مغادرا الغرفة وهو يفكر فيما ورد من تقارير الجيش عن الإنفجار الرهيب الذي هز إسرائيل تلك الليلة ..
إنفجار لا يمكن لمخلوق النجاة منه، إلا لو كان جثة حية كعميليه الدميتين اللذين يستطيع استعمالهما كجواسيس واستعادتهما متى شاء ..
كان يرغب بشدة في معرفة المدى الذي وصل إليه (هانس) في تجاربه مع القوى الخارقة .. قوى ما وراء الطبيعة .. وبحكم اشرافه على تلك الوحدة السرية بالموساد والتي ما زالت ثقة القادة بها هشة فقد كان يصبو لنصر عظيم يرضي طموحه الساحق للسلطة والسيطرة ..
لذلك كان يراقب (هانس) منذ فترة ويحاول الإستفادة ما أمكن من تجاربه الخطيرة مع قوى الشر التي لا قبل لبشري بها ..
قوى من الجحيم ..
الجحيم الحقيقي ..
التقط نفسا عميقا وهو يدلف إلى مكتبه ويراجع مرة أخرى تقارير الجيش هازئا من التغطية الإعلامية التي صاحبت حدث الإنفجار مستغلة - بخبث يهودي قديم - الصدى الذي خلفه لنشر الرعب بين الأعداء ومؤكدة أنه نتيجة تفجير سلاح إسرائيلي جديد. ثم احمر وجهه من الحرج مدركا أنه في سبيله لفعل نفس الشيء.
يستغل أسباب فشل (هانس) ليحاول تفاديها ويحقق نفس الهدف.
وتردد السؤال في رأسه كالصدى.
هل يستطيع إعادة التجربة ؟
هل ...؟


* * *



( تمت )


( عبد العزيز أبو الميراث )  ( Sifaw )


عنوان العدد الأول ( شيطان ( إيلات ) و كتابات أخرى ) غلاف و تنسيق عصام منصور




اسمها

Attribution-Noncommercial-No Derivative Works 3.0 Unported

 


المميزات :

لا يجوز بيع العمل بأي صورة كانت
لا يجوز نسخ المقال او اي اقتباس بدون الاشارة الي صاحب او كاتب العمل
لا يجوز التعديل او التحريف في العمل بتاتا

وكل هذا بالاضافة في الحفاظ علي حقوق صاحب الفكرة و المؤلفين أجمعين

وهذا هو الشعارالخاص

88x31.png

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق