١٠ أبريل ٢٠١٠

أحمر شفاه

اسمى ( رضا ) ..
أحب فنون القتال و لا أجد سبيلا سوى احتراف هذه الرياضات العنيفة ، مما يجعل من الرفض حليفا لى من ذكور مدرستى الثانوية الخاصة المرفهين ، و هو ما غير رؤيتى لهم حيث كنت أعتقد أنهم يعشقون العنف بشكل عام فى المرحلة الإبتدائية ، فوجدتهم يهتمون أكثر بملاحقة الفتيات ، و العوالم الإفتراضية عبر شاشات الكمبيوترات ..
قالت لى إحدى الفتيات المائعات ممن لا تخشين أن أفتك بهن ، و هى تومئ نحوى : يبدو أن شخصا ما نسى حلاقة شاربه !
كانت تتهكم و كنت كعادتى أتجاهل تلك الفتيات الناعمات البائسات ، اللاتى لا فائدة تذكر منهن ، لم يكن هذا العالم للحقيقة مكانا مناسبا لطموحى ، و تمنيت أن أدخل الجامعة سريعاً لعلى أجد ما يختلف ..
فى الفترة الأخيرة لوحظ أننى أسير كثيرا مع ذلك الطالب الجديد ( فتحى ) فى إطار المدرسة فقط ، و الذى أبدى معى اهتماما مختلف عما يحدث عادة فى علاقاتى الجافة مع الآخرين ..
اهتمام غريب !
لم أكن أجرؤ على قول الحقيقة حتى بينى و بين نفسى ، لكن من تصرفاته كان على مصارحة ذاتى بالحقيقة فى النهاية ..
فى الغرب يعدون هذا حباً مشروعاً !
لكن تقاليدنا الشرقية تمنعنا من حتى الإشارة لذلك ، أو على الأقل تربيتى الصعيدية ..
هذا فى عرفنا جرما يستوجب القتل و لا شك ، حتى لو توسلت كل المواد التلفزيونية الغربية التى أشاهدها ، لإباحة ذلك ..
لكن ( فتحى ) لم يشر على الإطلاق طوال أسبوعين كاملين لما يقترب مما دار فى ذهنى ، بل و لم يحاول حتى لمسى ، غير مدركا أن هذا يزيد الشك لا يمنعه ..
كنت أعول والدى الطاعنين و أخى الصغير ، لذا فيستحيل أن أفكر حتى فى الأمر ، حتى لا أخسر شئ و حتى لا يقع المحظور من خلال خطط الشيطان ، سواء شيطانى أو شيطانه ..
فى حصة التاريخ تطرق المدرس العصرى تماما ( طارق ) الى ( أمريكا ) و ما تصدره الينا من سخافات ، و ضرب مثلا بالمثلية الجنسية و تهكم قائلا : لا يمكننى تخيل عم ( منير ) بواب بنايتى يدخل يوما علينا بعروسه الجديدة .. عم ( فخرى ) الجزار !
و تفجر الضحك و ارتطمت عيناى بـ ( فتحى ) الذى كان يثبت نظره على فى استخفاف ، و أسرعت أشيح بوجهى وسط موجة الضحك التى لم يلحظ فيها أحد تلك النظرات ..
كل شئ أصبح غريبا يوما بعد يوم فى تلك المدرسة المليئة بأبناء الأثرياء الرقيقون الهشون ، حتى أن ( فتحى ) واجهنى مرة كأنما يحسم أمرنا المقلق ، و قال بحزم أن على كـ ( رضا ) القرن الواحد العشرين ، الإقتناع بأن الحياة تتطور و تتغير ، و علينا حسم الأمر ، و عرض على ذلك الطلب الغريب ..
عرض أن أضع أحمر شفاه !!
كانت طريقته غريبة ليقترب أكثر منى ، و فى النهاية استسلمت له ..
و وضعت أحمر الشفاه ..
و لاحظ الكل التغير الذى أصابنى ، لكنى لم أتردد فتجاهلت تعجبهم ، و رويدا رويدا تتطورت علاقتى بـ ( فتحى ) ..
نعم .. لماذا أخجل ؟! و ما الذى أعتقدتموه ؟!!
على أن أضع أحمر الشفاه ..
كأى بنت ..

* * * * *

تمت

عصام منصور فى 24 مارس 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق