و كانت هذه هى المشكلة ..
عندما ينام ( عمر ) تبرز شياطين الفينيقيين ، و لعنات العبريين ، و تعاويذ السومريين !
ينفتح صندوق ( بندورا ) ، و يتثائب ( خريولسن ) ، و تبتسم ( ليليث ) ابتسامة مخيفة ، قائلة :
- فليقطع ذراعى إن لم تشب مشاجرة الآن .
و القصة تبدأ عندما ينوى ( عمر ) النعاس ، حيث ينصب منصة صواريخه المتحركة أولاً ، و يبدأ الهجوم ..
الهدف ؟! البعوض بالطبع أيها السخيف ! ألا تعرف أنه مصاص دماء العصر ، و أسرع وسيلة مواصلات لنقل الفيروسات الوبائية المتحورة ، حتى أنه ينافس أتوبيس ( 919 ) بشَرطة !!
حينها يستل ( عمورة ) اسطوانة المبيد ، و يبدأ حفلة الرش المجنونة ، تحت الفراش ، فوق الحشية ، وراء المشجب ، أسفل المكتب ، على ( الكومود ) ، داخل فمى ، فى قاع عيناى ! المهم طبعاً كما تقول العسكرية ، و الأفلام الحربية التى يدمنها حتى النخاع : القضاء على الهدف - الذى قد يكون جهازى التنفسى - قضاءً مبرماً ، كما لو أنه يستعمل هذا المبيد أحياناً كمزيل عرق فاخر أو كعطر باريسى من مدام ( مونبيلييه ) !!
ثانياً و فى إطار نيته النبيلة فى أكل أرز بالخلطة مع الملائكة ، يبدأ ( عمر ) نظام ( السكون mute ) ، كما لو أنك تضغط زراً ينشر الصمت و الصمم ، و هذا ليس فيلماً للخيال العلمى ، بل محاولة خنق غير مباشرة للعبد لله ، تبدأ بإغلاق الشرفة لتفادى أصوات الشارع ، ثم إغلاق باب الغرفة المشتركة بينى و بينه ، والأقرب فى تصورى لعقاب القارب البابلى الشهير ، أو غرف الغاز النازية ، و ذلك لتحاشى أية أصوات ممكنة .. يذكرنى هذا بلورد انجليزى قديم ، عاشق للهدوء هو ، يحيا فى منزل فسيح وسط الحقول ، كان أعلى صوت سمعه ، صوت تحطم حبة فلفل تحت ضرسه !
لكن يحاول ( عمر ) هنا التشبه بـ ( ديرديفل ) شخصية الكوميكس المعروفة ، فالبطل هنا لديه آذان مرهفة كالجحيم ، لذا فهو ينام و أذنيه تحت مستوى الماء ، بداخل تابوت معدنى ، يغلق عليه ، و لكن ما يثير غيظى أن ( عمر ) ليس ( ديرديفل ) ، و أنا لست ( باباى ) حتى يكون بوسعى التهام السبانخ ، و من ثَم تحطيم رأسه !
ثالثاً : أثناء النوم !
بعد الشد و الجذب و وضع الأسس و القوانين المنظمة لمعاهدات عدم الإعتداء ، تبدأ ملحمة أوديسية مريرة ، عنوانها [ أقفل بقك ] ! و أنا للأسف كائن له فم قابل للفتح ، لبعض الضروريات البسيطة ، كالكلام و الأكل و أحياناً – و هذا فى عرف شقيقى تجاوز سيكوباتى – التنفس ، و أنا لا أفهم نوعية البشر الذين يحلم بهم ( عمر ) فى ( اليوتوبيا ) الخاصة به ، و لا يتنفسون أثناء نومهم ، أهم نوع من البراغيث ، أم اخوة غريبوا الأطوار من طراز ( عجل البحر ) ؟!! .. جربت كتم أنفاسى حتى أتخلص من ملحمته المتواصلة ، و لكن وجهى و عنقى احتقنا بالدماء ، حتى كدت أتحول الى كرة دم حمراء كبيرة !
رابعاً : مع توغل الليل !
الكارثة السعيدة هنا أننى كائن ليلى كأى وطواط فاضل ، أو ذئب محترم ، و هذا يعنى أننى أفضل السهر عن النوم المبكر ، و هذا بالتبعية يعنى أنه و لكى أتوجه للعمل باكراً ، فإننى أعانى الأمرّين كى أحظى بقسط معقول من النوم ، حتى لو كان الهدوء سائداً ، و الجو معطراً ، و البعوض ناعساً ، فما البال بمن يقوم بالخطابة قبل الفجر ، ويصر على جذب لحيتك فى الساعات الأولى من اليوم التالى ، متقمصاً دور ( فيروز ) مع ( زكى رستم ) ؟!
هذا ما يطبقه ( عمر ) فى تجاربه السايكوكابينيزية التى يتخذنى فيها فأر تجارب بشرى ، رغم كل القوانين التى تجرم اجراء التجارب على البشر !
فجأة .. و بينما هو نائماً و أنا أبدأ فى النوم ، بعد مناوشاته التى تنتهى بنومه السريع ، و أرقى أنا ، و على حين غرة ، يضحك صائحاً :
- لا لا لا .. قلت لك مش كده ، ياعم مش كده .. استغفر الله العظيم ! مش كده .
فأهتف أنا فى قهر :
- سيبوه ..! سيبوه و النبى خلونى أعرف أنام ، دانا خدام أهل اللى يزعلكوا !!
و المأساة أننى لا أعرف من يخاطب ، أو من أرجو ، لربما توسط أولاد الحلال و أنهوا الموضوع ! ، و بعد فترة يتلبسه شيطان ما ، فيزوم كرجل الخزانة الرهيب ( Bogy man ) و يعقد حاجبيه بمقت شنيع ، متمتماً :
- اوعى !
فأقفز أنا كالملدوغ ، لأجده فوق رأسى ، و أنا فى حال يرثى له ما بين النوم المرهق و اليقظة الضبابية ، ثم يرفع عنى الغطاء دفعة واحدة ، و يضعه أرضاً ، ثم يشرد بغتة تماماً كـ ( اللمبى ) عندماً راح يردد متسائلاً :
- ( ابسلوتلى ) .. ( ابسلوتلى ) !
و يتجه كالسائرين نياماً أو الزومبى الكاريبيين ، الى حيث يغط فى نوم عميق ، و كأنه فى سيرك أو فقرة بيت الرعب بالملاهى ، فأظل ألعن نفسى طوال الليل ، لأن ( عمر ) قال له [ مش كده ! ] ، و لم أقنعه أنا بهذا ، بالفعل ( عمور ) معه حق [ مش كده يأخى ، ده حتى الإفترا حرام ! ] !!
و أنحنى فى ذل كسخرة قناة السويس – بعد قناة زووم مباشرة ! – و التقط غطائى العزيز ، و لا أفقد الأمل بعد هذا كله ، ممنياً نفسى بساعتين ، أو ساعة من النوم المركز ، و لو حتى نصف ساعة [ أفش فيها غِلّى ] ، و أضع خدّى على الوسادة ، مغمضاً عيناى المنتفختين كمناطيد ( كاليفورنيا ) ، ممصمصاً شفتاى بلذة و كأننى أتذوق النعاس ، الذى يبدو قريباً .. قريباً .. قريباً .. و ..!
[ الله أكبر الله أكبر ] ..
آه إنه الآذان ، لم الحق بآخر ظلمات الليل كالمعتاد ، و كالمعتاد أيضاً تبدأ اجتماعات المائدة المستديرة فى عقلى ، بين ضميرى و قرينى ، الثانى يدعونى لإستغلال عطشى الحقيقى لقطرة نوم ، و الأول يدعونى لأداء الفرض لأنه ببساطة فرض ، و فى الثامنة صباحاً و بعد ليلة ليلاء معتادة و مكررة ، ينهض ( عمر ) العزيز نشيطاً – الله أكبر – بشوشاً – اللهم لا حسد – باسماً – بالصلى عالنبى – لسان حاله يقول [ فين أيامك يا ( هرقل ) يابن ( زيوس ) و ( هيرا ) ؟!! ] و عضلاته المنتفخة ، التى لا ينافسها سوى انتفاخ أجفانى ، و بشرته المتوردة التى لا ينافسها سوى احمرار عيناى ! ، و وجهه المنير كل هذا يوحى بطاقة عظيمة حقاً ، اكتسبها – لا ريب – من تفريغ رغباته المكبوتة ، و شروره المريعة أثناء نومه ، مما أصابنى بأرق عنيف ، و عقدة لازمتنى طوال حياتى من النوم فى الأماكن المغلقة ، كما أننى أصبحت أتأخر على عملى ، فأصبحت مهدداً بضياع مستقبلى ، و أصبح ذعرى الليلى – و لا كأنى فى حضرة مسخ ( فرانكنشتاين ) – مطبوعاً على شعرى الذى شاب ، و لو لم يشب فهو يتساقط مسبباً [ نُقر ] ، ناهيك عن أن حركة نزع الغطاء الأشبه بالهول ذاته ، سببت لى ( إنفلونزا ) و انسداد خيشومى ، و [ برابير ! ] مثيرة للشفقة ، أيضاً أصبح تخلىّ أحياناً عن الفجر حاضراً ، يجعلنى أبدو أمام نفسى كـ ( راسبوتين ) آخر – تخيل ( راسبوتين ) يرتدى كاجوال ! – فأصابنى كل هذا فى النهاية بمرض ( الإزعرعرور ) ! فتحاملت على نفسى ، و قررت إنهاء معاناتى و لو بإيجاد إجابة لسؤال ، أسرعت بتوجيهه لـ ( عمر ) على إستحياء :
- إحم .. إلا قوللى يا ( عمورة ) ، ماينفعش تشوفلك أوضة تانية ، لحسن أنا بواجه مشاكل حاجة بسيطة كده ؟!
فقال لى بإستغراب عالمى مستنكر :
- نعم ؟! .. داانت اللى تدور لك على أوضة تانية ، عشان تاعبنى !!
و صرخت بصمت :
- أنا ..........................؟!!!!!!!
و أدركت لماذا لم تغادر الصرخة شفتى ، فقد أصبت بشلل فى البروستاتا ..!
و خلل فى النظارة ..!
و ميوعة فى المصران ..!!
و نام يا حبيبى نام ..
***
[ تمت بحمد الله ]
بقلم Essam/ 29/5/2008
Nice story :)
ردحذفشكراً و آسف على تأخر الرد
ردحذف