كان مشهداً ضخماً و رائعاً ..
و مؤثراً ..
لقد تجمعت القيادات لوداعى ، و مندوبين من كل الدول الكبرى ، و رغم أهمية الحشد الذى لم يجتمع فى التاريخ لحدث كهذا ، إلا أن بصرى تعلق بحبيبتى و زوجتى بالذات ..
و التى راحت تلوح لى بلا توقف ، حتى بعد إنطلاق الصاروخ ، الذى يحمل سفينة الفضاء الأقوى فى العالم ، و أنا بقلبها ..
فى مهمة تستحق الوداع العالمى ..
استكشاف كوكب مأهول ..
كان الأمر لا يصدق ، و أسفر عن مناقشات عالمية استغرقت فترة طويلة و مرهقة ، اتفق بعدها الجميع ، على إرسال متطوع الى الكوكب ، الذى يقع على مبعدة عشرة سنوات ضوئية كاملة ..
متطوع مزود بأجهزة حديثة ، ليقيم محطة استقبال و إرسال بين الكوكبين ..
متطوع سيتصل بسكان الكوكب بطريقة خاصة ، تعتمد على التنكر ، و امتصاص المعلومات مباشرة من أحد السكان ، و ذلك عبر آلة خاصة تعمل لمرة واحدة ، لتكلفتها الرهيبة ..
آلة شديدة التطور اطلق عليها اسم ( بلانيس - 2 ) ..
عندما اكتشف الكوكب بالمصادفة ، و بإستخدام تليسكوب أو مرصد إحدى سفننا الفضائية الجديدة ، وجد العلماء أدلة على وجود السحب و الماء ..
و بالتالى الحياة ..
و كان الخبر كالقنبلة ..
لسنا وحدنا فى الكون ..
كنت من زمرة علماء أكبر دول العالم ، و اكثرهم لياقة بدنية ، و بإستغلال وضعى هذا قاتلت حتى أكون أنا المتطوع ..
حتى نلت هذا الشرف ..
و لأن المسافة بعيدة حقاً ، فلقد أنهيت طقوسى الشخصية الخاصة ، و دخلت غرفة التجميد ، بعد انطلاق برنامج السفينة الآلى ، و هذا طبيعى حتى لا أصل و أنا كهل ضعيف ..
و أدرت ذلك القرص ، ثم ألقيت أوامرى صوتياً ، فإمتدت الأنابيب تتصل بجسدى ، و ارتجف جسدى إرتجافة أخيرة ، و ..!
و ساد الظلام ..
* * * * *
فتحت عيناى و قد خيل إلى أن عقلى قد غفا للحظة ..
يبدو أن هناك عطلاً فى نظام التجميد ، على تفقده ..
و لكن ..!
لحظة ..
ليس هناك أية أعطال من أى نوع ..
لقد عبرت المجرة ، و ها هو الكوكب يبدو مزرقاً تماماً كما بدا لنا من قبل ..
و بسرعة راجعت إحداثيات الهبوط التاريخى ، و مستويات الطاقة التى ستعيد شحن نفسها لمدة عام كامل ، عبر أشعة الشمس ..
عام من دراسة ذلك الكوكب ، و معايشة سكانه ..
و اخترت بقعة نائية تماماً فى إحدى صحارى ذلك الكوكب الكبرى ، لإخفاء السفينة ، ثم أعددت ( بلانيس - 2 ) للعمل ، و بدأت عبر جهاز آخر معاون ، البحث عن مخلوقات خارج تلك الصحراء ..
قرب إحدى تجمعات المياه بالتأكيد ..
كان ( بلانيس - 1 ) ضخماً بحجمى تقريباً ، يستهلك ساعة كاملة ، ليمتص المعلومات من العقول ، أما ( بلانيس - 2 ) فهو بحجم أحد أصابعى ، و لا يلبث سوى ثلاث ثوان حتى ينقل كل تاريخ و معلومات أى عقل ، و كذلك أحاسيس ذلك العقل الأساسية إلى مخى مباشرة ، لأتحدث و أتصرف بعدها بلغته و أسلوبه بمنتهى البساطة ، و كأننى أفعل هذا طوال عمرى ..
و عندما اقتربت من الماء ، شاهدت نباتات كثيفة بلون أخضر ، تماماً كأشجارنا ، مما أسعد نفسيتى و أراحها ، و ..!
آه ..!
شاهدت أحد سكان الكوكب ..
و على الفور اشتعل جهازى التنكرى التلقائى ، ليتخذ هيئته و شكله الخارجى ، مما ساعدنى على الإقتراب منه فى حذر ، و جهاز ثالث دقيق خاص بالفحص الإلكترونى ، ينبئنى بعد مسح سريع أنه غير مسلح ، و لا يحمل أية أدوات أو معدات إطلاقاً ..
لم آبه بالطبع لكونه عارياً ربما لم تبلغ بعد حضارتهم هنا حداً متقدماً ، أو أنه يغتسل ببساطة ..
لم يكن غريباً أو عجيب المنظر ، كما تؤكد كل أفلام الخيال العلمى لدينا ، و لكنه كان غير متوقع !
كانت ملامحه غامضة و غير مفهومة ..
و بسرعة .. و بعدما إقتربت منه بدرجة كافية ، صوبت الـ ( بلانيس - 2 ) ، بعدما ألصقت كعبه بمقدمة رأسى ، و أطلقته من هذا الوضع ..
و تجمد الكائن بذعر ، و عندما انتهى عمل الـ ( بلانيس - 2 ) ، تدلى لسانه فى بلاهة ، و تخشب كالمعاتيه ، بل و رال على نفسه ، و كأنما امتص الجهاز منه كل شئ ، بالمعنى الحرفى لكلمة ( شئ ) ..
بينما و على الجانب الآخر ، تم حشو مخى بسيل من الروائح و الحركات و الأصوات و عالم ذلك الكائن ..
و بإستخدام جهاز الرصد ، توجهت الى أكبر تجمع لتلك الكائنات مباشرة ، لأبدأ التعايش الفعلى بينهم ، بعدما ألقيت بـ ( بلانيس - 2 ) الذى يعمل لمرة واحدة فقط ، و فيما يشبه مدينة من مدن هذه الكائنات إنخرطت معهم ، ليترجح لدى الإحتمال الثانى بأنهم ليسوا بدائيين لهذه الدرجة ..
استخدمت أسلوبهم الذى إنغرس فى شكلى الخارجى و صوتى و لغتى و حتى إشاراتى ..
و لمدة عام كامل ..
و لكنهم لم يفهموننى ..
و لم أفهمهم ..
أبداً ..
* * *
] برنامج (حوار) بإحدى القنوات الفضائية [: -
المذيعة تتنحنح و تقول للضيف :
- دكتور ( مأمون ) العالم الفلكى الدولى .. ما قولك فى قضية الساعة ؟!
غمغم الدكتور ( مأمون ) فى إحباط عجيب :
- مرصدنا الجديد لإستكشاف الكواكب المأهولة ، رصد سفينة الفضاء ، و هى تهبط فى الصحراء الكبرى ، و لقد أخفاها ذلك المخلوق على نحو لم يمكننا حتى الآن من كشفه ، المشكلة الكبرى أنه لا يمكننا فهمه على الإطلاق ، و لأنه من عالم آخر فهو الآخر لا يفهمنا مهما حاولنا معه .. رغم إستخدامنا كل وسائل التحدث و التخاطب ، القديمة و الحديثة و الغير تقليدية .
قالت المذيعة ببرنامج ( حوار ) على القناة الفضائية المصرية الجنسية :
- و لكن ماذا عن شكله ؟!.. معظم المشككين فى رواية العالم الآخر هذه ، يتخذون من مظهره أكبر دليل على كذب و إدعاء تلك الرواية !
قال الدكتور ( مأمون ) بمرارة حقيقية :
- إنه من كوكب آخر بالفعل .. لقد رصدنا سفينته الفضائية ، و لسنا ندرى لماذا تبدو هيئتهم فى ذلك الكوكب ، كهيئة القردة لدينا .. لسنا ندرى لماذا ؟ .. لماذا ؟؟! السر كله يكمن فى التفاهم معه ، لكنه يصرخ و يتواثب كقرد حقيقى ، و كأنما لا يمكنه التفاهم بإسلوب البشر ..
قط ..
] تمت بحمد الله [
* * *
بقلم / عصام منصور
فى 10 يوليو 2008
و مؤثراً ..
لقد تجمعت القيادات لوداعى ، و مندوبين من كل الدول الكبرى ، و رغم أهمية الحشد الذى لم يجتمع فى التاريخ لحدث كهذا ، إلا أن بصرى تعلق بحبيبتى و زوجتى بالذات ..
و التى راحت تلوح لى بلا توقف ، حتى بعد إنطلاق الصاروخ ، الذى يحمل سفينة الفضاء الأقوى فى العالم ، و أنا بقلبها ..
فى مهمة تستحق الوداع العالمى ..
استكشاف كوكب مأهول ..
كان الأمر لا يصدق ، و أسفر عن مناقشات عالمية استغرقت فترة طويلة و مرهقة ، اتفق بعدها الجميع ، على إرسال متطوع الى الكوكب ، الذى يقع على مبعدة عشرة سنوات ضوئية كاملة ..
متطوع مزود بأجهزة حديثة ، ليقيم محطة استقبال و إرسال بين الكوكبين ..
متطوع سيتصل بسكان الكوكب بطريقة خاصة ، تعتمد على التنكر ، و امتصاص المعلومات مباشرة من أحد السكان ، و ذلك عبر آلة خاصة تعمل لمرة واحدة ، لتكلفتها الرهيبة ..
آلة شديدة التطور اطلق عليها اسم ( بلانيس - 2 ) ..
عندما اكتشف الكوكب بالمصادفة ، و بإستخدام تليسكوب أو مرصد إحدى سفننا الفضائية الجديدة ، وجد العلماء أدلة على وجود السحب و الماء ..
و بالتالى الحياة ..
و كان الخبر كالقنبلة ..
لسنا وحدنا فى الكون ..
كنت من زمرة علماء أكبر دول العالم ، و اكثرهم لياقة بدنية ، و بإستغلال وضعى هذا قاتلت حتى أكون أنا المتطوع ..
حتى نلت هذا الشرف ..
و لأن المسافة بعيدة حقاً ، فلقد أنهيت طقوسى الشخصية الخاصة ، و دخلت غرفة التجميد ، بعد انطلاق برنامج السفينة الآلى ، و هذا طبيعى حتى لا أصل و أنا كهل ضعيف ..
و أدرت ذلك القرص ، ثم ألقيت أوامرى صوتياً ، فإمتدت الأنابيب تتصل بجسدى ، و ارتجف جسدى إرتجافة أخيرة ، و ..!
و ساد الظلام ..
* * * * *
فتحت عيناى و قد خيل إلى أن عقلى قد غفا للحظة ..
يبدو أن هناك عطلاً فى نظام التجميد ، على تفقده ..
و لكن ..!
لحظة ..
ليس هناك أية أعطال من أى نوع ..
لقد عبرت المجرة ، و ها هو الكوكب يبدو مزرقاً تماماً كما بدا لنا من قبل ..
و بسرعة راجعت إحداثيات الهبوط التاريخى ، و مستويات الطاقة التى ستعيد شحن نفسها لمدة عام كامل ، عبر أشعة الشمس ..
عام من دراسة ذلك الكوكب ، و معايشة سكانه ..
و اخترت بقعة نائية تماماً فى إحدى صحارى ذلك الكوكب الكبرى ، لإخفاء السفينة ، ثم أعددت ( بلانيس - 2 ) للعمل ، و بدأت عبر جهاز آخر معاون ، البحث عن مخلوقات خارج تلك الصحراء ..
قرب إحدى تجمعات المياه بالتأكيد ..
كان ( بلانيس - 1 ) ضخماً بحجمى تقريباً ، يستهلك ساعة كاملة ، ليمتص المعلومات من العقول ، أما ( بلانيس - 2 ) فهو بحجم أحد أصابعى ، و لا يلبث سوى ثلاث ثوان حتى ينقل كل تاريخ و معلومات أى عقل ، و كذلك أحاسيس ذلك العقل الأساسية إلى مخى مباشرة ، لأتحدث و أتصرف بعدها بلغته و أسلوبه بمنتهى البساطة ، و كأننى أفعل هذا طوال عمرى ..
و عندما اقتربت من الماء ، شاهدت نباتات كثيفة بلون أخضر ، تماماً كأشجارنا ، مما أسعد نفسيتى و أراحها ، و ..!
آه ..!
شاهدت أحد سكان الكوكب ..
و على الفور اشتعل جهازى التنكرى التلقائى ، ليتخذ هيئته و شكله الخارجى ، مما ساعدنى على الإقتراب منه فى حذر ، و جهاز ثالث دقيق خاص بالفحص الإلكترونى ، ينبئنى بعد مسح سريع أنه غير مسلح ، و لا يحمل أية أدوات أو معدات إطلاقاً ..
لم آبه بالطبع لكونه عارياً ربما لم تبلغ بعد حضارتهم هنا حداً متقدماً ، أو أنه يغتسل ببساطة ..
لم يكن غريباً أو عجيب المنظر ، كما تؤكد كل أفلام الخيال العلمى لدينا ، و لكنه كان غير متوقع !
كانت ملامحه غامضة و غير مفهومة ..
و بسرعة .. و بعدما إقتربت منه بدرجة كافية ، صوبت الـ ( بلانيس - 2 ) ، بعدما ألصقت كعبه بمقدمة رأسى ، و أطلقته من هذا الوضع ..
و تجمد الكائن بذعر ، و عندما انتهى عمل الـ ( بلانيس - 2 ) ، تدلى لسانه فى بلاهة ، و تخشب كالمعاتيه ، بل و رال على نفسه ، و كأنما امتص الجهاز منه كل شئ ، بالمعنى الحرفى لكلمة ( شئ ) ..
بينما و على الجانب الآخر ، تم حشو مخى بسيل من الروائح و الحركات و الأصوات و عالم ذلك الكائن ..
و بإستخدام جهاز الرصد ، توجهت الى أكبر تجمع لتلك الكائنات مباشرة ، لأبدأ التعايش الفعلى بينهم ، بعدما ألقيت بـ ( بلانيس - 2 ) الذى يعمل لمرة واحدة فقط ، و فيما يشبه مدينة من مدن هذه الكائنات إنخرطت معهم ، ليترجح لدى الإحتمال الثانى بأنهم ليسوا بدائيين لهذه الدرجة ..
استخدمت أسلوبهم الذى إنغرس فى شكلى الخارجى و صوتى و لغتى و حتى إشاراتى ..
و لمدة عام كامل ..
و لكنهم لم يفهموننى ..
و لم أفهمهم ..
أبداً ..
* * *
] برنامج (حوار) بإحدى القنوات الفضائية [: -
المذيعة تتنحنح و تقول للضيف :
- دكتور ( مأمون ) العالم الفلكى الدولى .. ما قولك فى قضية الساعة ؟!
غمغم الدكتور ( مأمون ) فى إحباط عجيب :
- مرصدنا الجديد لإستكشاف الكواكب المأهولة ، رصد سفينة الفضاء ، و هى تهبط فى الصحراء الكبرى ، و لقد أخفاها ذلك المخلوق على نحو لم يمكننا حتى الآن من كشفه ، المشكلة الكبرى أنه لا يمكننا فهمه على الإطلاق ، و لأنه من عالم آخر فهو الآخر لا يفهمنا مهما حاولنا معه .. رغم إستخدامنا كل وسائل التحدث و التخاطب ، القديمة و الحديثة و الغير تقليدية .
قالت المذيعة ببرنامج ( حوار ) على القناة الفضائية المصرية الجنسية :
- و لكن ماذا عن شكله ؟!.. معظم المشككين فى رواية العالم الآخر هذه ، يتخذون من مظهره أكبر دليل على كذب و إدعاء تلك الرواية !
قال الدكتور ( مأمون ) بمرارة حقيقية :
- إنه من كوكب آخر بالفعل .. لقد رصدنا سفينته الفضائية ، و لسنا ندرى لماذا تبدو هيئتهم فى ذلك الكوكب ، كهيئة القردة لدينا .. لسنا ندرى لماذا ؟ .. لماذا ؟؟! السر كله يكمن فى التفاهم معه ، لكنه يصرخ و يتواثب كقرد حقيقى ، و كأنما لا يمكنه التفاهم بإسلوب البشر ..
قط ..
] تمت بحمد الله [
* * *
بقلم / عصام منصور
فى 10 يوليو 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق