٠٨ فبراير ٢٠١٠

عيون تبحث عن قلوب تراها

قصيدة العين /

عندما اطمأنت الى أننى أحتسى القهوة ، شرد بصرها لحظتين فى الطفل الذى يلهو بعيدا ، هنا .. قفزت عيناى بسرعة لوجهها الأبيض ، لدغت كرتا عيناى ضوء وجهها ، خطفت الخطفة و قطفت ما اشتهيه ، من شرودها و براءتها التى تشبه براءة الطفل الذى يلعب ، من نظرتها التى تحمل الف معنى فى نفس الوقت ، و عندما أدارت رأسها ارتطمت عيناها بنظرتى المتجمدة ، المأخوذة .. و قبل أن يعتريها الإرتباك و الخجل و تبعد ناظريها ، استغللت الفرصة لأقول قصيدتى .. فى جزء غير محسوس من الثانية .. لم أعرف هل فهمت ؟ هل شعرت ؟ و عندما أبعدت عيناى عن محيا عيناها احتفظ ألبوم ذاكرتى باللحظة .. و القصيدة ..


عيون خائفة /

دوما تهرب بعيناها من لحظة جدى ..
و دوما تهرب عيناى من لحظة جدها ..
لا تلتقيان إلا فى لحظات يكون أحد الطرفين فيها هازلا ..
هل سنخشى أن نفهم بعض ؟
هل سنخشى أن نعى بعض ؟
هل نخاف أن تخوننا مشاعرنا و انفعالاتنا ؟
هل نبعد عن مواجهة الحقيقة ؟
حقيقة أننا من الممكن أن نحب بعض ؟
دوما تهرب عندما أترك الهزل و لا أمنعها ..
و دوما أهرب عندما تتركه هى و لا تمنعنى ..
هل نخشى أن تغزونا الكآبة ؟
أم هل نخشى أن نكره بعض ؟


عيون لا تغض البصر /

لا تنظر لى إلا عندما تبدأ هى حوارها معى ، أما عندما أفعل فتتعمد أن تتمهل قبل أن تلتقى عينانا ، قبل أن تتصل روحانا .. تتعمد أن تركز فيما تقول و عينانا متصافحتان متعانقتان ، ربما كى يمكنها مواصلة التحديق فى ..
أما أنا فلا يمكننى هذا ..
لا يمكننى فصل بصرى عما يرى ، عن الغوص فى عيناها الواسعتان ، لا يمكننى التركيز فيما أقول إلا لو أجبرت نفسى على تمزيق خيط اتصال عينى بلوحة عينيها ، بالنظر هنا و هناك .. بالتظاهر برؤية شئ أو شخص ..
لديها قدرة على التحديق فى أثناء التحدث ، بينما لا يمكننى أنا ذلك ..
فللعيون عندى علاقة و صلة و اتصال ..
العيون عندى ترى و تواصل الرؤية لما هو أبعد من المرئى ..
تستشرف المستقبل و تتفحص الروح و لا تغض البصر عن مفاتن القلب و العقل ..
النظرات عندى ليست مجرد تطلع ، ليست استعمال خارجى و تحديد للألوان و السمك و الإرتفاع ..
فياليتها تساعدنى على الإكتفاء بالرؤية الخارجية ، و ياليتها تقلل من طفو مشاعرها على اشفار عينيها ..
حتى لا أرى كل هذا ..
حتى لا أرى كل شئ ..


ألم العيون /

و هى تأتى من بعيد تكون حدقتاها ضيقتان .. مبتسمتان ..
عندما تقترب تصبح نظراتها أكثر إثارة للبهجة ، أكثر شعورا بدهشة الكون ..
نظارتى لا ترحمنى ..
تظهر لى الفرق من بعيد و من قريب ..
نظارتى تظهر لى ضيقها الخفى الذى لا يلحظه أحد عادة ..
نظارتى القاتلة تظهر لى فى نظراتها استياء لا يراه أى مخلوق ..
تغير طفيف للغاية فى جانبى العين .. يتمزق له قلبى بين أضلعه التى تضيق عليه فتخنقه ..
تغير لا يلحظه مخلوق يستمر حتى لو ابتمست لكنى أعرف ..
حتما أعرف أنها مازالت مستاءة ..
لا يمكننى أن أنقذها من ضيقها لأنها بهذا ستعرف أننى أعرف ..
و هى من طراز حساس يتضايق كثيرا ، فترى نظارتى هذا كثيرا ، فيتمزق قلبى بدوره كثيرا و طويلا ..


احتياج العين /

كما أنه للغة الجسد إشارات فللغة العين إشارات و عبارات و جمل طويلة مقفاة لم يعرفها شيطان الشعر حتى الآن ..
كما أن لمسة من اليد أو خبطة فى الكتف أو ميل بالجزع أو مواجهة بالمنكبين أو تحريك للقدمين علامة و معنى و مغزى ..
فللعين إيماءات و إيحاءات و الفاظ و قرارات ..
العين عندما تستقر بلا إغماض ، فهذا هو الإحتياج ..
عندما تستمر بلا أدنى رمشة أو ارتداد للطرف ، بلا التماع بلا ارتفاع للجفنين ، لكن بارتفاع قليل جدا للحاجبين ، فهذا هو الإحتياج ..
الإحتياج بنظرة ..
إحتياج أقوى من ألف كلمة و ألف حركة جسدية ..
إحتياج تنهار له الجبال حنانا ..
لو رفض فستستمر نفس النظرة لكن .. الى أسفل ..
ستنخفض النظرة الى أسفل بحثا عن عزاء فى أوراق الخريف المتساقطة و المتجمعة على الأرض ..
و إذا قبل فستحوى الفرح و الدموع و الراحة و ستضم المحبوب برموشها و تحتويه أسفل جفونها ..
فيا كل عين هونى عليكى ..
يا كل عين خذى الحذر ..
يا كل عين قللى قسوتك ..
كى تقل دموع العيون الأخرى ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق